🔴🟢 الولايات المتحدة تعيد هندسة مسار النزاع في الصحراء: مبادرة أممية جديدة تُكرّس مقترح الحكم الذاتي وتُعزّز موقع المغرب

متابعة الإعلامية” فاتن” / الجديدة
في تطوّر دبلوماسي بارز يشهده ملف الصحراء المغربية داخل أروقة الأمم المتحدة، تقدّمت الولايات المتحدة الأمريكية بمشروع قرار إلى مجلس الأمن يدفع بشكل واضح نحو تسريع العملية السياسية، وترسيخ مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس واقعي قابل للتطبيق. وقد تقرّر تأجيل التصويت على القرار إلى يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، في انتظار استكمال المشاورات بين الدول الأعضاء وبحث التوازنيات النهائية للصياغة.
الوثيقة الأممية الجديدة تأتي في مرحلة حساسة تتسم بزخم دولي متزايد لصالح المقاربة المغربية، ونُضج واضح للمواقف الدولية التي باتت تستوعب أن الحلّ الواقعي والعملي هو وحده القادر على ضمان السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة. ويظهر ذلك جلياً في العبارات المحورية التي تضمّنها المشروع، وعلى رأسها الإشارات المتكرّرة إلى “Autonomy Proposal” بوصفه إطاراً لتسهيل التوصل إلى حلّ سياسي عادل، دائم، ومقبول من الطرفين.
✔ ترسيخ الحكم الذاتي كمرجعية أممية
يبرز مشروع القرار اعترافاً صريحاً بالدعم المتزايد من قِبل العديد من الدول الأعضاء لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 للأمين العام للأمم المتحدة. هذا الدعم لم يعد موقفاً ثنائياً بين دول بعينها والرباط، بل تحوّل إلى لغة أممية متراكمة يتم تكريسها عبر قرارات مجلس الأمن سنة بعد سنة.
النص يؤكد أيضاً أن “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية قد يمثّل الحل الأكثر قابلية للتطبيق”، وهي صياغة ليست تقنية فحسب، بل تحمل وزناً قانونياً وسياسياً يُضعف بداهة أطروحة الانفصال ويُثبّت واقعية المقاربة المغربية.
✔ تأكيد دور المبعوث الأممي
الوثيقة تُشيد بجهود المبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا، وتدعو الأطراف إلى التعامل بحسن نية ودون شروط مسبقة. هذه الجملة تُعتبر توجيهاً مباشراً لطرفي النزاع، لكنها في السياق الحالي تُعدّ رسالة موجّهة بالدرجة الأولى إلى الجبهة الانفصالية ومن ورائها الجزائر، بعد سنوات من وضع العراقيل والشروط التعطيلية.
إن الإلحاح على “momentum” و“urgency” في لغة الأمم المتحدة يعني ببساطة:
لم يعد مقبولاً استمرار الجمود.
إدراج قضية اللاجئين كعنصر ضغط جديد
يلفت النص الانتباه إلى النقص الحاد في التمويل المخصص للّاجئين الصحراويين، ويُشدد على ضرورة تسجيلهم. هذا المطلب لطالما رفضته الجزائر لاعتبارات متعلقة بتحجيم الأعداد الحقيقية للمقيمين في مخيمات تندوف، وهو ما يفتح الباب أمام مساءلة قانونية وإنسانية جديدة، قد تغيّر معادلة الضغط الدولي.
✔ تمديد ولاية المينورسو إلى 2026
اعتماد تمديد طويل النَّفَس لبعثة المينورسو يؤشر على:
ثقة في الاستقرار الميداني داخل الأقاليم الجنوبية للمملكة
رغبة أممية في تقليص النقاشات السنوية المتكررة
رسوخ لواقع ميداني لصالح المغرب
هذا الامتداد الزمني يطمئن الفاعلين الاقتصاديين ويشجع الاستثمارات الكبرى التي تشهدها جهتا العيون والداخلة.
✔ غياب مصطلحات الانفصال بشكل لافت
الوثيقة تخلو من:
كلمة “استفتاء”
ذكر “الاستقلال”
أي إشارة إلى مسارات انفصالية
في القانون الدولي، الغياب المقصود يفوق عادةً الحضور المُبهَم.
✔ انعكاسات على الجزائر والبوليساريو
على الرغم من أن النص لا يُسمّي الجزائر صراحةً كطرف رئيسي، إلا أن البعد الدبلوماسي واضح:
تحميل مسؤولية ضمنية دون إحراج مباشر
إدراجها في خانة المؤثرين على المسار الأممي
إحكام الطوق على منطق الإنكار الذي تتبناه منذ عقود
أما الجبهة الانفصالية، فستجد نفسها أمام مسار تضيّق فيه الأمم المتحدة خياراتها تدريجياً، من شعار “تقرير المصير عبر الاستقلال” إلى مفهوم “الإدماج السياسي عبر الحكم الذاتي”.
✔ توازن الحساسية الدبلوماسية
المشروع الأميركي مكتوب بعناية:
من دون استفزاز صريح
بلغة القانون الأممي
دون التفريط بالمبادئ المعلنة
ومع ذلك، فإنه ينقل الملف من مرحلة المناورة السياسية إلى مرحلة بناء حلّ نهائي.
✔ الخلفية الجيوسياسية
تعكس هذه المبادرة ثلاث حقائق دولية:
1. استعداد القوى الكبرى لإنهاء النزاعات المجمدة في مناطق ذات أهمية استراتيجية.
2. تحول الصحراء المغربية إلى قطب استثمار إقليمي بفضل رؤية جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
3. إدراك المجتمع الدولي أن استمرار الوضع الحالي يُهدد الأمن في الساحل وجنوب المتوسط.
✔ توقّع ردود الفعل
من المرجح أن تشهد الساعات التي تسبق التصويت:
محاولات ضغط دبلوماسي من الجزائر
تحرّكات إعلامية للجبهة الانفصالية
مشاورات مكثفة بين الدول الأعضاء
لكنّ اللغة المُعتمدة في المشروع تعكس توافقاً واسعاً يصعب تغييره جذرياً.
🔴🟢 خاتمة
يُمثل المشروع الأميركي محطة دبلوماسية مهمّة في تاريخ هذا النزاع المفتعل، ويُكرّس المقاربة المغربية كخيار وحيد قابل للتطبيق. كما يمنح الأمم المتحدة فرصة نادرة لإعادة إحياء مسار سياسي كان عالقاً لسنوات طويلة. وإنّ إدراج الحكم الذاتي كأساس للتفاوض، مع التأكيد على السيادة المغربية، ليس مجرد صياغة، بل انتقالٌ في الهندسة القانونية للقرار الأممي.
ومع اقتراب لحظة التصويت يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، تتجه الأنظار إلى مجلس الأمن الدولي الذي يجد نفسه أمام امتحان حقيقي:
إما تكريس الحل الواقعي، وإما الإبقاء على أزمة مكلفة إقليمياً ودولياً.
وفي كل الأحوال، يظل المغرب مستمراً في طريقه التنموي، مُستلهماً الرؤية المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، حاملاً مشروعاً حضارياً يؤمن بالاستقرار والاستثمار وصناعة المستقبل.
 
 
 
				 
					



