عبد الإله” مول الحوت”استهزأ بأستاذه يثير سخط الشغيلة التعليمية

جريدة:” الوطن بريس” الإعلامية”فاتن”/ الجديدة
أعاد المقطع المتداول الذي ظهر فيه المسمّى عبد الاله “مول الحوت” وهو يسخر من معلمه السابق، مشهداً مؤلماً يكشف عمق الأزمة القيمية التي تتغلغل بصمت داخل المجتمع المغربي. لم يكن الفيديو مجرد لحظة طائشة أو انفعال عابر، بل كان مرآة مشروخة تعكس ما آلت إليه النظرة إلى رجال التعليم، وما يتهدد منظومتنا التربوية من انحدار أخلاقي خطير.
ففي الوقت الذي ينتظر فيه الرأي العام نماذج تحترم المدرسة ورجالاتها، خرج هذا الفيديو ليستعرض مشهداً صادماً!..
شخص يتباهى بسيارته الفارهة، مقابل سخرية من سيارة بسيطة يمتطيها معلمه.
وكأن قيمة الإنسان تُقاس بالمحرك والأضواء، لا بما يبذله من جهد في تربية الأجيال.
إن السلوك الذي صدر عن “مول الحوت”، الذي لا نعرف مصدر ثروته بعد.. لم يكن مجرد إساءة لشخص واحد، بل كان طعنة مباشرة في مكانة المعلم، ذاك الذي حمل طباشيره لسنوات، ووقف أمام السبورة ليزرع المعرفة والانضباط، لا ليصبح مادة للتهكم والاستعراض.
والأخطر من ذلك هو ما رافق المقطع من إشادة غريبة لدى بعض المتابعين، ما يكشف عن تحوّل مقلق في سلّم القيم لدى فئة من الشباب.
حيث بات “النجاح” يُختزل في المظاهر السطحية، وتُختصر “الطفرة” في عدد الأحصنة تحت غطاء السيارة، بدل أن تُقاس بمدى تأثير الإنسان وإسهامه في محيطه.
كما يرى متتبعون أن ما حدث لا يتعلق بشخص واحد، بل بمنظومة كاملة تتعرض للتآكل. فحين يصبح المعلم هدفاً للسخرية، ويصبح منطق “شوف شحال عندي” أكثر إقناعاً لدى الجيل الجديد من منطق “شحال تعلمت”، فنحن إذن أمام ناقوس خطر حقيقي ينذر بارتفاع الهدر المدرسي، ويؤسس لثقافة تحتقر العلم وتحتفي بالسطحية.
كما أن ما وُثق في فيديو “مول الحوت” يدخل، بحسب آراء حقوقيين، في خانة التنمر الرقمي ونشر المعطيات الشخصية دون إذن، وهو سلوك لا يجب التساهل معه. فالفضاء الرقمي ليس غابة مفتوحة، بل فضاء تحكمه مسؤولية أخلاقية وقانونية، ويجب أن يُحترم فيه الإنسان وكرامته.
إن تحويل معلم إلى مادة للسخرية من أجل لايكات ومشاهدات، هو سقوط أخلاقي قبل أن يكون خطأً فردياً. وهو مؤشر خطير على أن منصات التواصل الاجتماعي تكافئ أحياناً الأسوأ، وتشجع البعض على تجاوز الحدود فقط من أجل الأضواء الزائفة.
وفي المقابل، عبّر آلاف المواطنين عن رفضهم القاطع لهذا السلوك، مطالبين باعتذار رسمي وصريح، ليس للمعلم وحده، بل للمدرسة المغربية ولصورة المربي التي يُفترض أن تظل خطاً أحمر. فمجتمع يفرّط في احترام المعلم، هو مجتمع يحفر بأظافره قبر مستقبله.
لقد كشف فيديو “مول الحوت” أننا في حاجة إلى ما هو أكثر من إصلاح تربوي، نحن في حاجة إلى إصلاح قيمي يعيد الاعتبار للعلم والمعرفة، ويضع المعلم في مكانته الحقيقية.. رمزاً، ومرجعية، وأساساً لأي نهضة حضارية.




