ثورة الجياع: تحذير أخير قبل فوات الأوان

متابعة : كمال قابل
لكل مسؤولٍ فاسدٍ، لكل برلمانيٍ باع ضميره، ولكل رأس مالٍ جشعٍ يتغذى على معاناة الفقراء. لكل من يستغل منصبه وسلطته ونفوذه المالي والاجتماعي ليراكم ثروته على حساب بؤس المحرومين؛ لكم جميعًا أقول: احذروا ثورة الجياع.
كنتُ أود أن أذكركم بآيات الدين وأحاديثه، أن أُذكّركم بأن أكل أموال اليتامى، ونهب المال العام، والرشوة، والتكبر على الناس هي أمورٌ محرمة. لكنني تراجعت عن ذلك.
لماذا؟ لأن الموعظة لن تنفعكم، ولن تستمعوا لها أصلًا. فمن يفعل أفعالكم هذه، لا دين له ولا ملة. دينكم هو المال، وأخلاقكم هي التكبر على عباد الله. لذا، لن أُكلمكم بلغة الدين التي لا تفقهونها، بل بلغة المصير الذي تنتظركم.
قد يغرنكم هذا الصمت، وهذا الخضوع الظاهر. لا تظنوا أن صبر الفقراء هو ضعفٌ، أو أن سكوتهم علامة رضا. إنهم ليسوا بخانعين ولا خاضعين. بل هي الظروف القاسية التي تطوقهم، والخوف على فلذات أكبادهم، هو ما يمنعهم حتى اللحظة من الانفجار. هذا الهدوء الذي ترونه ليس إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة، والبركان الخامد الذي يستعد للثوران.
لا تظنوا أنكم في مأمنٍ بأسوار قصوركم وداخل سياراتكم الفارهة. فمهما طال الزمن ومهما تراكمت ثرواتكم، ومهما علا جبروتكم، سيأتي يومٌ يُحرق فيه الأخضر واليابس. سيأتي يومٌ تدفعون فيه الثمن باهظًا، ثمن كل لقمةٍ سُرقت، وكل حلمٍ قُتل، وكل كرامةٍ دُهست.
أقول هذا ليس تهديدًا، بل خوفًا عليكم. خوفًا من أن نصل إلى تلك المرحلة التي لا يُجدي فيها ندمٌ ولا فرار. لأن الجائع إذا ثار، لا أحد يستطيع إيقافه. نحن لا نريد أن نصنع من هذا الفقير المعدم وحشًا كاسرًا، لا نريد أن ندفعه إلى مستوى الحيوانات المفترسة التي لا تعرف سوى الغريزة والانتقام.
كونوا على يقينٍ أن الفقير الذي لم يبق لديه ما يخسره، ستكونون أنتم هدفه الوحيد. عندما تكسرون آخر قيدٍ من قيود خوفه، سيتحول إلى وحشٍ لا يعرف الرحمة. وعندها، لن تجدوا بقعةً في الأرض ولا في السماء تأويكم. لن تجدوا ملجأً يقيكم من نار غضبٍ أوقدتموها بأيديكم.