انعكاس الإفلاس السياسي على الرأسمال الاجتماعي!
أحمد مازوز / كاتب صحفي
الحقل السياسي مثل المجال التجاري يصيبه البوار والإفلاس مع اختلاف قيمي شكلي بين المجالين،فإذا كان الإفلاس في مجال الأعمال أو عجز شركة أو مؤسسة عن الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها، وتضطر بعدها تحت طائلة الاختناق المالي إلى اختيار طريق إعلان الإفلاس، فإن مجال السياسة لا يختلف إفلاسه عن ذلك، سوى في أنه مستعصٍ على حل التصفية والحجز على الأصول. والإفلاس السياسي معناه عجز الفاعل السياسي، من مختلف مواقعه، عن تسويق المخططات والبرامج والوعود الكبرى التي تشكل عادة نقطة جذب جماعية للشعب ،وفضلا عن كونها تمثل طاقة دفع في اتجاه المستقبل، فإنها تشكل بصفة أساسية، ذلك الشعور بالانتماء الجماعي بحمولاته الايديولوجيةالمختلفة، أي ذلك الرأسمال الاجتماعي، ومتى تراجع هذا الإحساس والشعور بالانتماء الجماعي، فإن المجتمع يكون قد خطا خطوات كبيرة في اتجاه الإفلاس او ربما بدرجة اشد الى النفور من أية ممارسة سياسية فعلية توثق لاي نشاط حزبي تنظيمي.
في واقعنا السياسي الحزبي يمكن القول اننا لسنا بأفضل حال، ولسنا بعيدين عن هذه الصورة البئيسة، فالمجال السياسي تسكنه الأشباح، والمجال الاقتصادي يعيش تناقضات الوفرة وسوء التوزيع، أما المجال الاجتماعي فقد ترك تدبيره للعبث و للفراغ والانتهازية النفعية الشخصية، في مقابل كل ذلك وخلال
قرائة متأنية وواقعيةللأوضاع ، لاشك اننا أنتجنا من الناحية الأعلامية خطابات كثيرة عقيمة تمتد الى جانب من التماهي مع الفساد الذي ضرب البيت السياسي لكثير من التنظيمات الحزبية بسبب ما يسمى الاستبداد بالقرار والتحكم في الأجهزة التي لا تقدم ولا تؤخر اوهي إن جاز الوصف مقاولات حزبية عائلية مدججة بموردين تنحصر مهمتهم في الدفاع عن الفساد الحزبي مهما اشتدت خطورته على الوضع السياسي العام.
من جانب آخر إن إفلاس الرأسمال الاجتماعي يعتبر أخطر أنواع الإفلاس على الإطلاق، فافتقاد الشعور بالانتماء الجماعي يعتبر حاجزا كبيرا أمام استعادة المبادرة والقدرة على تعبئة المجتمع حول مشروع جديد يتبنى تعميق الاصلاح بمقاربة اجتماعية وسياسية لاتفتقد الى الحس بالوطني كما اراد ذلك عاهل البلاد وشدد في حِكَمِه على :
“أن الوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن، وخاصة في المراحل الصعبة، والمغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا، بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات”. فالنوايا الحسنة في الإصلاح لا تكفي، بل يجب أن تواكبها الأفكار المناسبة التي تجعل هذه النوايا حقيقة وليس أوهاما تباع للمواطنين.
فالإصلاح الذي يفشله السياسي الذي ترتعش يده حين تتحسس ملفات الفساد التي ينبغي أن يبث فيها يجب أن يبتعد عن السياسة،لكن وكما يقال: حين تعز الأفكار تكثر الأعذار.
التفكير السياسي السلبي وربط التعثر بالآخرين هي الدفاعات الرئيسية التي تلجأ إليها بعض النخب السياسية الحالية لتتحلل (تتطهر) من المسؤولية في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتلصق ذلك بقوى خفية لا تراها إلا هي. وهذه القوى غير المرئية التي تعمل في الظلام على كبح الانتقال الديموقراطي ليست سوى ذريعة تبرر بها هذه الكائنات السياسية رسوبها في امتحان كسب الثقة واستعادة القيمة السياسية التي افتقدتها،ومن هذه الزعامات السياسية من تقاوم تيار النقد الداخلي والمجتمعي وتبدع بما لديها من ادوات المكر السياسي لمقاومة التجاعيد التنظيمية التي اصابت كل الهياكل الحزبية ووفرت نمطا من التهالك المشمول بالتحكم والاسقواء على الاصوات المناهضة لها او ما يصطلح عليه سياسيا بتيار الاصلاح من داخل الحزب حسب مساحة المد والجزر.