رشيدة داتي في الصحراء المغربية و بارانويا جنرالات الجزائر !!

بقلم : البراق شادي عبد السلام
بلاغ وزارة الخارجية الجزائرية حول زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية للأقاليم الجنوبية الخاضعة لسيادة المملكة المغربية يؤكد حقيقة النظام الشمولي الجزائري الرافض لأي تسوية إقليمية تحت السيادة المغربية تنهي النزاع الإقليمي المفتعل و ترسخ طبيعته الهجومية التي تهدد مفاعيل الأمن الإقليمي و القاري و الدولي في منطقة تعج بالمخاطر و الأزمات، تدخل النظام الجزائري في الشؤون الداخلية لدولتين ذات سيادة ( المغرب – فرنسا ) يمكننا إعتباره تطاولا ديبلوماسيا غير مقبول و لا يندرج في إطار الأعراف و القوانين التي تحدد العلاقات الثنائية بين الدول و يعكس الفشل البنيوي الذي تعاني منه الخارجية الجزائرية في وضع تصور سياسي واضح و رؤية إستراتيجية رصينة لتدبير علاقاتها الخارجية خارج منطق الوصاية .
بلاغ وزارة الخارجية الجزائرية يمكن فهمه من ثلاث زوايا رئيسية :
– أولا : على مستوى تحليل الخطاب و اللغة حيث عبر الفاعل الديبلوماسي الجزائري على إنزعاجه من هذه الزيارة بشكل إنفعالي ، فتؤكد العبارات المستخدمة في البلاغ على الحالة النفسية المهزوزة التي تعكس الهزيمة السياسية القاسية التي يتعرض لها صانع القرار السياسي و الديبلوماسي في الجزائر العاصمة نتيجة إنهيار السياسة الإقليمية الجزائرية، فالزيارة تؤكد على واقع جيوسياسي جديد تعيشه المنطقة يتمثل في المسار التأكيدي للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية الذي إنخرطت فيه مجموعة من الدول بإفتتاح 32 قنصلية و تمثيلية ديبلوماسية في مدينة الداخلة عاصمة جهة الداخلة وادي الذهب و مدينة العيون عاصمة الأقاليم الجنوبية و عملية سحب الإعترافات و تجميد العلاقات بالكيان الوهمي نتيجة الإقتناع الصميمي لمختلف دول العالم بعدالة الموقف المغربي.
– ثانيا : تزامنت زيارة وزير الثقافة الفرنسية مع حدثين هامين متعلقان بالمغرب و مرتبطان بالأمن الإقليمي و آليات تدبير أزمات المنطقة وفق رؤية إستراتيجية وضعها جلالة الملك محمد السادس رائد العمل الإفريقي المشترك، الحدث الأول حول قرار موريتانيا إنشاء سلسلة معابر حدودية دولية تربط العمق الموريتاني بشبكة الطرق الوطنية في الصحراء المغربية مرورا بالمنطقة العازلة و بشكل يتناغم مع المبادرة الملكية المغربية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي بما تحمله من حلول للإشكالات الإقتصادية و التنموية لشعوب المنطقة ؛ الحدث الثاني يتعلق بعقد اللجنة العسكرية العليا المشتركة المالية المغربية في العاصمة باماكو بمشاركة رفبعة المستوى لقيادات عسكرية مغربية حيث يمكن إعتباره تأكيدا إقليميا على الدور المحوري للمملكة المغربية في الحفاظ على التوازنات الأمنية الإقليمية في الساحل و الصحراء الكبرى وفق ثوابت محورية تحددها العقيدة الديبلوماسية المغربية المرتكزة على تعزيز إحترام سيادة و إستقلالية الدول و تكريس مبدأ تعاون جنوب – جنوب و دعم قدرات الدول الصديقة و الشقيقة في مواجهة المخاطر و الأزمات التي تهددها كإنتشار الإرهاب و جماعات التطرف العنيف و الكيانات الإنفصالية التي تهدف إلى إفشال الدول الوطنية لتنفيذ المخططات التقسيمية و الهدامة التي تعتبر أحد ثوابت السياسية الخارجية الجزائرية .
– ثالثا : الهجوم الإعلامي الغير مسبوق على أشغال الزيارة حيث تفننت الصحافة الجزائرية في كيل الاتهامات و تضليل الحقائق و تزييف الوقائع و تصوير الزيارة على أنها خرق للقانون الدولي في محاولة يائسة لتخدير الشعب الجزائري الشقيق لتبرير مخطط تبديد ثرواته و مقدراته خدمة لأجندات توسعية تخدم مصالح الجنرالات و الطبقة الأوليغارشية التي تحكم في الجزائر بالحديد و النار .
الهجوم الإعلامي الجزائري يؤكد حالة ” الإنكار ” التي تعيشها الديبلوماسية الجزائرية برفضها الإقرار بأن زيارة وزير دولة ذات سيادة إلى إقليم يخضع للسيادة المغربية يظل شأنا داخليا مغربيا و يأتي نتيجة قرار سيادي للجمهورية الفرنسية لتنزيل الإتفاقيات الثنائية المشتركة بين المغرب و فرنسا من طنجة للكويرة مرورا بالكركرات بناء على تقدير موقف سياسي دقيق مرتبط بحالة الثقة في صانع القرار المغربي و بالتموقع المغربي المتقدم إقليميا و دوليا سواء في ضفتي البحر المتوسط أو في منطقة الساحل و الصحراء الكبرى أو إفريقيا الغربية ، فالإنخراط الجدي للمملكة المغربية في المبادرات التنموية التي تخدم شعوب القارة الإفريقية و ضفتي المتوسط مرده لحكامة التدبير الإستراتيجي المغربي لأزمات المنطقة و إلتزامه السياسي المسؤول ببناء علاقات ثنائية مع جواره الإقليمي مرتكزا على الندية و المسؤولية بعيدا عن منطق الوصاية أو الإستعلاء البومديني ، حيث أن المملكة المغربية تتشبث بمواقفها الواضحة و مقاربتها المتمكنة إزاء المجهود التنموي الإقليمي و القاري .
الإعلام الجزائري بسبب إرتهانه لرغبات جنرالات العشرية السوداء تحول إلى ” إعلام حرب ” يرتكب بشكل يومي فضائح إعلامية لا علاقة لها بالمصداقية و المهنية التي تعتبر الرأسمال الحقيقي لكل مؤسسة إعلامية و صحفية تحترم مسارها و مصداقيتها فالتعتيم و الكذب البواح على الشعب الجزائري الشقيق و محاولة قلب الحقائق و تضليلها فيما يخص السياسة المغربية في إفريقيا و إتهامها بخدمة أجندات أجنبية هي دليل ملموس على تورط هذا النظام منذ سنوات في حملات ممنهجة لترويج الأخبار المغلوطة و التضليل و الكذب في حق المملكة المغربية.
ما يقوم به الإعلام الجزائري هو أمر إعتاد على فعله منذ سنوات و لا يشكل أي فرق لمتتبع هزائم النظام العسكرتاري في الجزائر ، لكن الأكيد أنه سيشكل إحراجا كبيرا لهذا النظام في تعاطيه مستقبلا مع مظلومياته و كذبه و نظرية المؤامرة التي يعتمد عليها لشيطنة المغرب و الإضرار بمصالح الشعب المغربي و تهديد وحدته الترابية بتنسيق مفضوح مع العصابات الإنفصالية في تندوف ، السقطات المتتالية للإعلام الجزائري في وحل الكراهية و الحقد و التمييز و الإفتراء و الكذب إبتدأ بوضع الميكروفونات الممولة من ثروات الشعب الجزائري الشقيق في يد المرضى و المعتوهين و الأغبياء لكيل الإتهامات المجانية للشعب المغربي و ترويج الشائعات و نشر الأخبار الزائفة و تضليل الحقائق في عملية مخابراتية طويلة الأمد هدفها المعلن هو دق إسفين في عمق العلاقات الأخوية التاريخية العميقة بين الشعبين المغربي و الجزائري ، حيث تحول الإعلام الجزائري إلى ” إعلام حربي ” يروج للفكر البومديني التوسعي و ينخرط في مخططات الجنرال شنقريحة لتكريس الهيمنة الإقليمية و بناء دولة الخوف الدكتاتورية بإسم الحفاظ على الدولة من العدو الخارجي و التهديدات الأجنبية .
الجزائر كنظام أوليغاركي مغلق يعاني من تصدعات داخلية كبيرة و خطر إنهيار وشيك بسبب الأزمة الإجتماعية الخانقة وسوء التدبير و غياب الحكامة و الرؤية الإستراتيجية في تدبير الشأن الإقتصادي، بسبب تداعيات الفساد البنيوي و البيروقراطية الغبية اللذان ينهكان منظومة الإقتصاد الجزائري ، كل هذه العوامل قد تؤدي لموجة غضب مجتمعي وشيك في الجزائر ستكون له تأثيراته إقليميا و دوليا و لتفادي هذا الوضع النظام العسكري الجزائري يقوم بتسخين جبهات المواجهة الممكنة بتهديد الإستقرار الإقليمي و فتح المجال السيادي الجزائري ليتحول إلى عمق جيوسياسي لمخططات دول إقليمية و البحث على ممرات ديبلوماسية آمنة كفوز الجزائر بمقعد ديبلوماسي في منظمة قارية حيث تم تناولها من طرف الإعلام الجزائري المأجور على انها إنتصار ديبلوماسي و فتح سياسي لنظام شمولي يعيش عزلة إقليمية و دولية في ظل الهزائم الديبلوماسية التي يحصدها في مختلف الواجهات .
الديبلوماسية الجزائرية تعاني من تداعيات الصراع القائم حاليا في مربع الحكم و آداءها يتأثر بالسياسة الإنفعالية لرئيس الدولة و لقائد الجيش في غياب إستراتيجية بنفس ديبلوماسي هادئ و رصين قادرة على وضع تصور سياسي و إستراتيجية واضحة المعالم ، حيث أن الدور الديبلوماسي الجزائري في المنطقة تعدى حالة التدخلات العادية إلى التدخل في شؤون دول الجوار و فرض الوصاية الإقليمية عليها مثل تمويل الإنقلابات العسكرية فضلًا عن الرشاوى التي تقدمها لمؤسسات وأشخاص للتآمر على بلدهم بتمويل حملات تضليل و فبركة الأخبار و الملفات الأمنية الهيتشكوكية وأيضًا محاولة تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية فيها بخلق إضطرابات لزعزعة نظم مستقرة أو شراء ذمم وولاءات على نطاق واسع.