مجتمع

طلب مريب أمام محكمة إنزكان: متهم بشيكات ثقيلة يسعى لمغادرة البلاد قبل ظهور نتائج الخبرة

 

في خطوة تثير الكثير من علامات الاستفهام، تقدم متهم في ملف شيكات تتجاوز قيمتها 600 مليون سنتيم بطلب رسمي إلى قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بإنزكان، يرمي من خلاله إلى رفع تدبير إغلاق الحدود في وجهه، وذلك قبيل أيام فقط من توصّل المحكمة بنتيجة الخبرة التقنية التي أمرت بها بشأن التوقيعات المدرجة على الشيكات محل المتابعة، وهي الخبرة التي أُسند تنفيذها إلى المعمل الجنائي التابع لإدارة الدرك الملكي بالرباط.

ويأتي هذا الطلب في وقت سبق لمحكمة الاستئناف بأكادير أن رفضت قرارًا سابقًا صادرًا عن قاضي التحقيق يقضي برفع تدابير منع السفر، وهو ما تم تأكيده بقرار رسمي تحت رقم 190/2526/2025، الأمر الذي يُضيف بُعدًا إضافيًا للجدل القائم حول وجاهة إعادة تقديم نفس الطلب دون ظهور عناصر جديدة أو نتائج الخبرة المنتظرة.

ورغم أن المتهم ينكر علاقته بهذه الشيكات، إلا أن تقديم هذا الطلب في هذا التوقيت يطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفياته، ويثير مخاوف حقيقية من احتمال استغلال قرار رفع المنع من السفر كوسيلة للهروب من العدالة، خصوصًا إذا جاءت نتيجة الخبرة مُثبِتة لصحة التوقيعات.

الواقعة تضع السلطة القضائية أمام لحظة اختبار دقيقة: فهل سيتم احترام مبدأ الحذر القضائي إلى حين صدور تقرير الخبرة، الذي قد يُمثّل عنصرًا حاسمًا في ثبوت أو نفي التهمة؟ أم أن حرية التنقل ستُمنح في لحظة قد تُفسَّر كمخرج قانوني للهروب في واحدة من أكبر قضايا الشيكات المعروضة على أنظار العدالة بجهة سوس ماسة؟

لا أحد يجادل في ضرورة احترام قرينة البراءة وحق المتهم في الدفاع عن نفسه، لكن هذه الحقوق يجب أن تُمارَس في إطار توازن دقيق مع مصلحة التحقيق وحماية حقوق الضحايا والدائنين. ففي قضايا مالية معقدة ترتبط بمبالغ ضخمة وشبهات تزوير، فإن التسرع في رفع التدابير الاحترازية قد يُفقد العدالة فعاليتها.

إن فتح الحدود في وجه المتهم دون انتظار تقرير جهة الخبرة الرسمية والمحايدة، سيكون بمثابة مغامرة قضائية محفوفة بالمخاطر، ورسالة خاطئة للمتقاضين مفادها أن “الفرصة تُنتهز قبل الوصول إلى الحقيقة”.

المطلوب اليوم هو التروي واحترام تسلسل الإجراءات القانونية، وانتظار ما ستسفر عنه الخبرة، ثم اتخاذ القرار القضائي بناءً على معطيات موضوعية، وليس تحت ضغط الطلبات أو الالتماسات.

فالقضاء القوي لا يُقاس فقط بضمانات الحرية، بل كذلك بقدرته على حماية الحقيقة وصيانة هيبة القانون، ومنع أي محاولة للالتفاف على العدالة أو الإفلات من المساءلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى