مجتمع

“اللواء الأزرق ليس راية.. بل تعاقد بيئي”: رشيد فاسح في حوار خاص حول التحديات البيئية لشاطئ أكادير

 

 

حاوره: حسن كرياط _ المغرب

 

في زمن تشتدّ فيه الحاجة إلى سواحل نظيفة وآمنة بيئيًا، يطرح استمرار غياب شاطئ أكادير عن قائمة الشواطئ الحاصلة على شارة اللواء الأزرق تساؤلات ملحّة حول واقع تدبير البيئة الساحلية بالمغرب.

في هذا الحوار الخاص، يفتح رشيد فاسح، رئيس جمعية بييزاج للبيئة، قلبه لـ”صفحة المنار التقافية الدولية ” ، متناولًا الأسباب الكامنة خلف هذا الغياب، والإكراهات التي تحول دون استعادة هذه الشهادة الدولية المرموقة، إلى جانب خارطة طريق واقعية لاسترجاع بريق شاطئ أكادير.

 

 

“اللواء الأزرق ليس مجرد راية.. بل مسؤولية جماعية”

 

حسن كرياط: بداية، كيف تُقيّمون أهمية شارة اللواء الأزرق بالنسبة لشاطئ أكادير؟

رشيد فاسح: اللواء الأزرق ليس وسامًا سياحيًا فقط، بل هو تعاقد بيئي عالمي. هذه الشارة تعكس مدى التزام المدينة بمعايير دولية صارمة تهم جودة المياه، النظافة، الأمن، وحملات التوعية البيئية. الحصول عليها أو الحفاظ عليها ليس إنجازًا ظرفيًا، بل استحقاق دائم يتطلب التخطيط والمراقبة والتعاون المؤسساتي والمجتمعي.

 

 

“الضغط البشري والتلوث الموسمي يرهقان الشاطئ”

 

كرياط: ما التحديات الأساسية التي تُضعف فرص استرجاع هذه الشارة؟

فاسح: هناك عدة عوامل متداخلة، أبرزها الضغط البشري الكبير خلال موسم الاصطياف. فالبنية التحتية البيئية للشاطئ غير قادرة على استيعاب الكم الهائل من النفايات، خصوصًا مع بعض الممارسات غير المسؤولة كترك القمامة أو رميها عشوائيًا. هذا السلوك الفردي له أثر جماعي بالغ الخطورة على نظافة الشاطئ وجودة مياهه.

 

 

“التلوث لا يأتي من البحر فقط.. بل من البر أيضًا”

 

كرياط: هل المشكل بيئي محض؟

فاسح: بالطبع لا. جزء كبير من التلوث يأتي من المصادر البرية. مياه الصرف الصحي غير المعالجة، والجريان السطحي من المناطق الحضرية والميناء التجاري والمارينا القريبة، كلها تفرغ ملوثات خطيرة في البحر، وهو ما يُهدد احترام المعايير البيئية المفروضة في نظام اللواء الأزرق.

 

 

“نحتاج إلى وعي بيئي لا موسمي”

 

كرياط: وماذا عن الجانب التوعوي؟

فاسح: للأسف، التوعية البيئية لا تزال موسمية، تقليدية، ومحدودة الأثر. نحتاج إلى حملات مبتكرة ودائمة على مدار السنة، تستعمل الوسائط الرقمية، وتستهدف مختلف الشرائح، من التلاميذ إلى السياح. فالفعل البيئي لا يبدأ من القانون بل من الوعي الفردي.

 

 

“الشاطئ يفقد استقراره البيئي.. والوقت ينفد”

 

كرياط: ما تأثير التغيرات المناخية والأنشطة البشرية على استقرار الشاطئ؟

فاسح: الشاطئ يواجه تآكلًا واضحًا في رماله، وتدهورًا مقلقًا في الكثبان والنظم الإيكولوجية الساحلية، بفعل التغير المناخي والضغط البشري غير المراقب. هذه الظواهر تُفقد الشاطئ توازنه الطبيعي وتُقلل من قدرته على الصمود في وجه التحديات البيئية المستجدة.

 

“بدون تنسيق، تبقى الجهود مشتتة وعديمة الأثر”

 

كرياط: هل هناك تنسيق فعّال بين المتدخلين؟

فاسح: للأسف، التنسيق بين الفاعلين المحليين ما زال دون المستوى المطلوب. هناك تداخل في الاختصاصات، وتشتت في المبادرات بين الجماعة، السلطات المحلية، المصالح المينائية، والمجتمع المدني. لا يمكننا الحديث عن نجاح بيئي دون حكامة حقيقية وآليات واضحة للتشاور والتخطيط المشترك.

 

 

خارطة طريق فاسح: خمس خطوات لاستعادة اللواء الأزرق

 

كرياط: ما الذي تقترحونه من تدابير عملية؟

فاسح: لدينا تصور واضح يتضمن خمس خطوات أساسية:

 

1. تكثيف التوعية البيئية بشكل دائم وبوسائل حديثة، تشمل المدارس والجامعات والمصطافين.

 

 

2. تعزيز مراقبة مصادر التلوث، الصناعية منها والمنزلية، مع تطبيق قوانين صارمة على المخالفين.

 

 

3. إشراك المجتمع المدني في التخطيط والمراقبة البيئية، لأنه الأقرب للميدان.

 

 

4. الاستثمار في البنية التحتية المستدامة: كحاويات فرز النفايات، المرافق الصديقة للبيئة، ومحطات معالجة المياه.

 

 

5. تشجيع البحث العلمي والرصد البيئي المستمر لاتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة.

 

كرياط: في كلمة أخيرة، ما رسالتكم للسلطات والفاعلين المحليين؟

فاسح: الحفاظ على شارة اللواء الأزرق لشاطئ أكادير هو رهان استراتيجي على صورة المدينة ومكانتها السياحية. لا يمكن أن نغفل البُعد البيئي في التنمية المحلية، فالبيئة السليمة هي أساس الاقتصاد المستدام. لذلك أدعو إلى تعبئة شاملة، تنطلق من الإيمان بأن البيئة ليست ترفًا، بل شرطًا للحياة الكريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى