بقلم : عبد الله رابح
في زمن تتعدد فيه الأصوات وتتشابه المقالات، يلفت النظر مقال جاد ووازن كتبه الدكتور سعيد تحت عنوان: “تأهيل المعتقلين بالمغرب بين المقتضيات التشريعية للقانون رقم 10.23 وإكراهات الواقع”. مقال ليس فقط مهمًا من حيث الموضوع، بل جدير بالاهتمام لأنه يفتح النقاش في زاوية غائبة غالبًا عن أعين العموم: الكرامة داخل الأسوار.
لقد استطاع الدكتور سعيد أن يطرح الموضوع من زاوية حقوقية وتشريعية دقيقة، دون أن يغفل عن الواقع الميداني وإكراهاته. هذه المزاوجة بين النص القانوني والواقع العملي ليست سهلة، لكنها ضرورية لفهم التحديات الحقيقية التي تعرقل جهود التأهيل وإعادة الإدماج داخل المؤسسات السجنية.
ما يلفت الانتباه في المقال أيضًا، هو الحس الإنساني العميق الذي يحكم تحليله. فالدكتور سعيد لم ينظر إلى المعتقلين كـ “مذنبين فقط”، بل كأشخاص في وضعية هشاشة، يحتاجون إلى فرصة ثانية، وتأهيل حقيقي، وعدالة توازن بين الردع والإصلاح.
إن القضايا التي تطرق لها – مثل الاكتظاظ، غياب الموارد، نقص الضمانات، غموض في المقتضيات الخاصة بفئات معينة – ليست فقط مؤشرات تقنية، بل مؤشرات على الحاجة الماسة لإرادة سياسية وجرأة تشريعية تواكب طموحات إصلاح المنظومة الجنائية في المغرب.
ومن هنا، فإننا نقولها بصدق: شكرًا لدكتور سعيد. لأن مقالك ليس مجرد قراءة قانونية، بل مساهمة في بناء وعي جمعي، يحتاجه الفاعلون والمهتمون، من مؤسسات، وقضاة، وحقوقيين، وصحافيين.
نحن بحاجة إلى المزيد من هذه الأقلام التي تكتب من الداخل لا من فوق، والتي تُحرك النقاش العمومي نحو قضايا نحتاج أن نضعها في قلب الإصلاح الحقيقي.
