مجتمع

أكادير… المدير العام للعمران يصطف إلى جانب المنعشين ضدا على توجيهات والي الجهة والبرنامج الملكي

 

في مشهد يعكس الاختلال العميق في تدبير ملف السكن الاجتماعي بجهة سوس ماسة، برزت خلال الشهور الأخيرة مواجهة صامتة لكنها محورية بين والي الجهة، الذي يصرّ على تنفيذ البرنامج الملكي الموجه للفئات الهشة، ومدير مؤسسة العمران بأكادير، الذي انحاز بشكل مكشوف إلى صف المنعشين العقاريين، ضدا على التوجيهات العليا ومصالح المواطنين.

 

الوالي، الذي لم يدخر جهدًا منذ تعيينه، وجّه عدّة مراسلات رسمية للمصالح المركزية، طالب فيها بالإسراع في تنفيذ المشاريع الاجتماعية المبرمجة، والاستجابة لآلاف العائلات المرشحة للاستفادة من هذا السكن، مؤكدًا أن البرنامج الملكي منزه عن كل المزايدات السياسية أو الانتخابية، ومخصص حصريًا لذوي الدخل المحدود، خاصة أنه قائم على أراضٍ منحتها الدولة مجانًا، وإعفاءات ضريبية سخية.

 

لكن في المقابل، يسجل المتتبعون بقلق الانحراف الخطير في مواقف المدير العام للعمران بأكادير، والذي بات في أكثر من مناسبة، يردد خطاب المنعشين العقاريين، بل يطالب علنًا بـ”مراجعة” الأسعار من 140.000 درهم إلى 350.000 درهم، بدعوى أن “المنعشين أولى” من الفقراء! مدعيا أن بعض المنعشين لهم صلة قوية بأعضاء في الحكومة وبالتالي هو في صفهم وسيبقى كذلك ولا تهمه لا مراسلات ولا برامج.

 

هذا الاصطفاف غير المبرر، لا يعكس فقط خضوعًا للوبيات العقار، بل يمثل تمردًا إداريًا صريحًا على توجهات والي الجهة، الذي يمثل الدولة في بعدها الاجتماعي والتنفيذي، ويقود جهودًا حقيقية لتفعيل برنامج ملكي سامٍ أُريد له أن يكون رافعة للعدالة الاجتماعية.

 

اليوم، يبدو أن مؤسسة العمران، التي أنشئت أصلاً لتنفيذ سياسات الدولة السكنية، تحولت إلى حليف مباشر للمضاربين العقاريين، وأداة لتعطيل مشروع ملكي يُنتظر منه أن يعيد الأمل لآلاف الأسر المعوزة.

 

فأين الحكومة من هذا التضارب الخطير بين الإدارة الترابية ومؤسسة عمومية تحت وصايتها؟ ولماذا تصمت الجهات المركزية أمام هذا الانحياز الفاضح؟

 

إن ما يحدث في أكادير ليس مجرد تعثر إداري، بل انقلاب على روح البرنامج الملكي، وتلاعب بحقوق المواطنين في السكن اللائق، لحساب المصالح الضيقة لشبكات العقار.

والسؤال الكبير الذي يجب أن يُطرح الآن: هل سيتدخل الملك بنفسه لإنقاذ هذا المشروع من براثن المصالح؟ أم أن مصير السكن الاجتماعي سيُدفن نهائيًا تحت أنقاض صراعات النفوذ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى