بين حكومتين: المواطن المغربي يبحث عن بوصلة

متابعة : كمال قابل
يعيش المواطن المغربي اليوم حالة من الترقب والتساؤل وهو يتابع المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد. فمنذ تولي الحكومة الحالية زمام الأمور يلمس المواطن ارتفاعًا في أسعار المعيشة بشكل لافت مما يلقي بظلاله على القدرة الشرائية للأسر. ولا يقتصر الأمر على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد ليشمل بعض القرارات الاجتماعية، مثل التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، والتي أثارت نقاشًا واسعًا، لا سيما بين الرجال الذين يرون أن هذه التعديلات قد تزيد من أعبائهم ومسؤولياتهم.
على الجانب الآخر، تظل الحكومة السابقة، التي قادها حزب العدالة والتنمية، حاضرة في الذاكرة. فبينما يرى البعض أنها كانت تفتقر إلى الجرأة في اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بالميزانيات والمشاريع الكبرى، يرى آخرون أن توجهاتها كانت لا تتسق دائمًا مع المصالح الوطنية العليا، خاصة فيما يتعلق بعلاقات المغرب مع حلفائه الإقليميين والدوليين.
وبين تجارب الحكومتين، يجد المواطن المغربي نفسه في حيرة من أمره. ففي ظل ما يمكن وصفه بـشبه فراغ سياسي، حيث تبدو معظم الأحزاب الأخرى مغيبة أو غير قادرة على تقديم برامج انتخابية مقنعة، تظل خيارات المواطن محدودة. هذا الواقع يجعل مهمة الاختيار في الاستحقاقات القادمة صعبة، ويزيد من الشعور بالضبابية حول مستقبل السياسة في المغرب.
وتأكيدًا على أهمية هذا الاستحقاق، كان الملك محمد السادس حفظه الله قد تطرق في خطاب عيد العرش الأخير إلى ضرورة توفير منظومة عامة مؤطرة للانتخابات التشريعية المقبلة، ووجه وزير الداخلية من أجل الإعداد الجيد لها وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين. هذا التوجيه الملكي يبرز الأهمية القصوى التي يوليها جلالته للممارسة الديمقراطية، ويضع مسؤولية كبيرة على عاتق الأحزاب لتقديم الأفضل للمواطن.
في نهاية المطاف، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تجاوز هذا المشهد السياسي المعقد، وكيف يمكن للأحزاب السياسية أن تستعيد ثقة المواطن وتقدم له رؤى واضحة ومشاريع حقيقية تلامس اهتماماته اليومية.