فشل الحكومات أم خطأ الدستور؟ صراع السلطة في المغرب بين القصر والأحزاب.

متابعة: كمال قابل
في عام 2011، شهد المغرب تحولاً تاريخياً بتبنيه دستوراً جديداً، جاء استجابةً لحراك 20 فبراير والمطالب الشعبية بدمقرطة الحياة السياسية. لم يكن هذا الدستور مجرد تعديل شكلي، بل كان نقلة نوعية، تنازل بموجبها الملك محمد السادس عن صلاحيات واسعة لصالح رئيس الحكومة، بهدف بناء ديمقراطية برلمانية حقيقية. أصبحت الحكومة المنتخبة هي المسؤولة عن تعيين الوزراء، وحل البرلمان، وتعيين كبار المسؤولين المدنيين، في خطوة اعتبرت بداية لعهد جديد من الحكامة.
لكن بعد عقد كامل من تطبيق هذا الدستور، يتصاعد الجدل حول حصيلة هذه التجربة. فبينما كان الهدف هو تمكين الحكومات من تحقيق التنمية وتلبية تطلعات المواطنين، يرى الكثيرون أن الحكومات المتعاقبة لم ترتقِ إلى مستوى المسؤولية. بل إن الأداء الحكومي لم يلبِ الطموحات، وسط اتهامات بالتركيز على الصراعات الحزبية والمناصب بدلاً من القضايا الجوهرية كالبطالة، وتدهور الخدمات الاجتماعية، وارتفاع الأسعار.
هذا الإحباط العميق يطرح تساؤلات جدية حول جدوى الإصلاحات الدستورية. ففي الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن تقود الحكومات المنتخبة قاطرة التغيير، بدأت أصوات شعبية تطالب بإعادة الصلاحيات للملك، باعتباره الحكم الأقوى والضامن لمصالح الشعب فوق المصالح الحزبية الضيقة. هذه المطالبات تعكس شعوراً بأن المؤسسة الملكية هي الأقدر على إدارة شؤون البلاد في ظل “فشل” الحكومات في استثمار الصلاحيات الممنوحة لها.
الخلاصة:
هذا الجدل يعكس أزمة ثقة حقيقية في المشهد السياسي المغربي. فهل كان تنازل الملك خطوة سبقت جاهزية النخب السياسية؟ أم أن المشكلة تكمن في طبيعة الأحزاب التي لم تتمكن من تجاوز منطق التنافس التقليدي نحو بناء دولة المؤسسات؟ هذا السؤال يبقى مفتوحاً، بينما يترقب الشارع المغربي ما إذا كانت الحكومة القادمة ستتمكن من تغيير هذه الصورة النمطية، أم أن المطالبات بعودة الصلاحيات الملكية ستزداد زخماً، لتؤكد أن الشعب يرى الحل في يد الملك لا في يد الحكومات.