مجتمع

دموع على الثلج: حين يبكي السياسي باسم الهامش

 

بقلم : عبد الله رابح

 

 

في لحظة نادرة، تخطّت السياسة جمودها المعتاد، وتحوّلت إلى مشهد إنساني مؤثر حين ظهر محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، منهارًا بالبكاء وهو يتحدث عن معاناة أطفال القرى النائية مع قسوة الشتاء.

 

لم تكن دموع أوزين مجرد انفعال عاطفي عابر، بل كانت تعبيرًا مكثفًا عن ألم متجذر في واقع مغرب الهامش، حيث تتكرر كل عام مأساة الصقيع، ويُحاصر البردُ أجسادًا صغيرة لا تجد ما يقيها غير صبر الأمهات وتجاهل السياسات.

 

من خلف الميكروفون، لم يتحدث السياسي هذه المرة بلغة الأرقام أو الخطط المستقبلية، بل بلغة وجع يعرفه جيدًا أبناء الجبال. فصوته المرتعش لم يُجامل أحدًا، ودموعه لم تُخفِ خيبة من سنوات طويلة من التهميش واللامبالاة التي طالت مناطق بكاملها، وكأنها تقع خارج حدود الوطن.

 

في زمن تطغى فيه الحسابات الحزبية والمصالح الضيقة، يندر أن نجد صوتًا يعلو من أجل قرية نائية أو طفلٍ يرتجف تحت سقف من صفيح. ولهذا، كان المشهد استثنائيًا، ليس فقط لأن أوزين بكى، بل لأنه وضع إصبعه على جرح عميق ظلّ مسكوتًا عنه: مغرب المركز ومغرب الهامش.

 

ومهما اختلفت الآراء حول الرجل ومسيرته السياسية، إلا أن الإنصاف يقتضي الاعتراف بأنه من القلائل الذين ما زالوا يتحدثون عن “تيمحضيت” و”أنفكو” و”إملشيل” حين ينشغل غيره بعواصم القرار ومراكز النفوذ.

 

الرسالة كانت واضحة: الهامش لم يعد يحتمل المزيد من التجاهل، والكرامة لا يمكن أن تكون امتيازًا جغرافيًا. فهل تلقفت الدولة دموع السياسي كمؤشر على ما لم يعد يُحتمل؟ أم أن الثلج سيذوب مجددًا على وقع الصمت والنسيان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى