مجتمع

مولاي إدريس أكلمام… حين تُكلَّل المسيرة المضاءة بالقيم بتعيين يستحقه صاحبها

 

صالح داهي : العيون

في زمن تبحث فيه المؤسسات عن الكفاءة القادرة على الجمع بين الحكمة والخبرة والإنصات لنبض الإنسان، جاء تعيين الأستاذ مولاي إدريس أكلمام مديرًا لتتبّع العقوبات البديلة بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ليكون امتدادًا طبيعيًا لمسار طويل من العمل الهادئ، والالتزام النابع من القلب قبل الواجب.

منذ خطواته الأولى في سلك القضاء، لم يتعامل الأستاذ أكلمام مع العدالة كقوانين جامدة، بل كجسر يصل بين الإنسان وخلاصه، بين الخطأ وفرصة جديدة للحياة. وقد ظلّ يؤمن بأن العدالة الحقيقية ليست تلك التي تُشدد العقاب، بل التي تُعيد ترتيب النفوس وتُداوي ما انكسر فيها.

تكوينه القانوني واشتغاله في مناصب مختلفة لم يمنعاه من أن يبقى قريبًا من جوهر الإنسان، مصغيًا، متفهّمًا، واعيًا بأن خلف كل ملف قصة، وخلف كل حكم قدر يحتاج إلى بصيرة ورأفة. من يعرف الأستاذ مولاي إدريس يعلم أن ما يميّزه قبل أي شيء هو صفاء طويته وهدوؤه الذي يشي بعمق التجربة ونبل السريرة. فهو: لطيف المعشر، واسع الصدر، يعطي لكل متحدث حقه من الوقت والاهتمام. متواضع رغم مكانته، يقدّم روح الفريق على بريق المنصب. صادق في عمله، لا يساوم في النزاهة ولا يتردد في رفع صوت الحق حين يقتضي الأمر. حكيم في قراراته، يعرف متى يشد ومتى يلين، كحديقة تعرف مواسم المطر والشمس.

هذه الخصال الإنسانية جعلت منه شخصًا يحبه من اشتغل معه، ويقدّره من عرفه، ويثق فيه من سلّمه المسؤولية. العقوبات البديلة ليست مجرد نصوص قانونية، بل رؤية ترى في الإنسان طاقة إصلاح لا نهاية لها. وتعيين الأستاذ أكلمام على رأس هذا الورش الكبير هو إشادة برجل يؤمن بأن الفرصة الثانية قد تغيّر حياة، وأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من بثّ الأمل في النفوس التي تاهت يومًا. تحت قيادته، يُنتظر أن يأخذ هذا الورش بعدًا أكثر إنسانية، وأكثر قربًا من فلسفة العدالة التي تُعيد البناء بدل الهدم، وتفتح الأبواب بدل أن تغلقها.

ليس كل تعيين خبرًا عابرًا. بعضها يحمل في داخله قصة إنسان يستحق أن تُعطى له مسؤولية لأنه عرف كيف يخدم قبل أن يسود، وكيف يعطي قبل أن يطلب. ومولاي إدريس أكلمام واحد من هؤلاء…رجُلٌ يمشي بثبات لأن خطاه تستند إلى قيم لا تتغير، ورجلٌ يُنتظر منه الكثير لأن ما أعطاه سابقًا هو خير دليل على ما سيقدّمه لاحقًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى