أخبار وطنية

إقليم شيشاوة: بين مجهودات “العامل” وغياب “المنتخب”… التنمية المؤجلة إلى متى؟

 

شيشاوة – سمير الرابحي

 

في مفارقة صارخة، يقف إقليم شيشاوة على طرفي نقيض؛ فمن جهة، هناك دينامية ملحوظة يقودها عامل الإقليم، السيد بوعبيد الكراب، الذي لا يدخر جهداً في تحريك عجلة المشاريع وتتبعها شخصياً، ومن جهة أخرى، واقع مرير تعيشه أغلب الجماعات الترابية التي يلفها الجمود وتغيب عنها أبسط مقومات الحياة الكريمة، مما يطرح أسئلة حارقة حول دور الفاعلين المحليين المنتخبين.

 

مجهودات عامل الإقليم: محاولات فردية لكسر الجمود

 

لا يختلف اثنان في إقليم شيشاوة على أن أغلب المشاريع التنموية التي رأت النور خلال السنوات الأخيرة، سواء تعلق الأمر ببرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو غيرها من المبادرات، كان للسيد بوعبيد الكراب، عامل الإقليم، الفضل الأكبر في إخراجها إلى حيز الوجود. فمن خلال تتبعه الميداني الدائم، واجتماعاته الماراطونية، وقدرته على حشد الموارد، تحول “العامل” إلى المحرك شبه الوحيد للتنمية في المنطقة. لكن هذه المجهودات، رغم أهميتها، تبدو كقطرة ماء في صحراء من الحاجيات الملحة، وتصطدم بغياب شبه تام لمواكبة حقيقية من طرف المجالس المنتخبة.

 

واقع مرير: العزلة والعطش يطوقان دواوير شيشاوة

 

على أرض الواقع، الصورة تبدو قاتمة. فلا تزال دواوير عديدة في جماعات قروية تعيش في عزلة تامة عن محيطها الخارجي. طرقات وعرة، وأحياناً منعدمة، تجعل الوصول إلى الأسواق الأسبوعية أو المستوصفات الصحية رحلة محفوفة بالمخاطر، خاصة في فصل الشتاء.

والأدهى من ذلك، هو استمرار معاناة آلاف الأسر مع ندرة المياه الصالحة للشرب. ففي القرن الحادي والعشرين، ما زالت نساء وأطفال يقطعون كيلومترات يومياً لجلب قطرات ماء لا تتوفر فيها في كثير من الأحيان الشروط الصحية اللازمة. هذه المعاناة اليومية في سبيل تأمين أبسط ضروريات الحياة تحول حياة الساكنة إلى جحيم، وتدفع بالشباب إلى الهجرة نحو المدن بحثاً عن أمل مفقود.

 

غياب الفاعلين المحليين: أين المنتخبون؟

أمام هذا الواقع، ترتفع أصوات الساكنة متسائلة بمرارة:أين دور رؤساء الجماعات والمجالس القروية؟ هؤلاء الذين منحتهم الساكنة أصواتها لتدبير الشأن المحلي والدفاع عن مصالحها، يبدو أنهم غائبون عن هموم المواطنين. فميزانيات الجماعات، على تواضعها، يمكن أن توجه لحل مشاكل آنية كشق المسالك الطرقية أو توفير حلول مؤقتة لأزمة المياه، لكن غياب الرؤية والشجاعة في اتخاذ القرار يترك الأمور على حالها.

 

أين دور ممثلين الساكنة؟

 

مهمتهم لا تقتصر على الحضور في قبة البرلمان، بل تمتد إلى الترافع عن قضايا الإقليم لدى الوزارات والمؤسسات المركزية، وجلب الاستثمارات والمشاريع الكبرى القادرة على فك العزلة وخلق فرص الشغل. لكن حصيلة أدائهم تبدو هزيلة جداً على مستوى التأثير الملموس في حياة المواطنين.

 

إن إقليم شيشاوة يعيش اليوم على وقع معادلة مختلة:سلطة إقليمية في شخص عاملها تسعى جاهدة للدفع بالتنمية إلى الأمام، ومنتخبون محليون يقفون في موقع المتفرج، تاركين الساكنة تتخبط في مشاكلها اليومية. لقد حان الوقت لوضع هؤلاء المنتخبين أمام مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية. فالتنمية ليست مسؤولية فرد واحد، بل هي عمل جماعي تشاركي يتطلب انخراط الجميع. وإلى أن يستيقظ ضمير من أوكلت لهم مهمة تمثيل الساكنة، ستبقى معاناة أهالي شيشاوة مستمرة، وستبقى التنمية حلماً مؤجلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى