تألق علمي بالمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بتزنيت

في إطار انفتاح التكوين الصحي على مستجدات البحث العلمي وقضايا الصحة العمومية، نظّم المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بتزنيت أيامه العلمية الثانية تحت شعار “التغذية والأمراض المزمنة”، وذلك أيام 20 و21 و23 يونيو 2025، وسط حضور وازن ومتنوع جمع بين الخبرة الأكاديمية والاهتمام المؤسساتي، وميّزته مشاركة فعالة لطلبة المعهد وأطره البيداغوجية والإدارية.
انطلقت الفعاليات يوم الجمعة 20 يونيو، في جلسة افتتاحية متميزة، عرفت حضور رئيس المجلس الإقليمي لتزنيت “الشيخ بلا”، وممثلة عن المجلس الجماعي للمدينة، تعبيرًا عن دعم المنتخبين المحليين لرسالة المعهد التكوينية والصحية.
كما حضر الافتتاح الدكتور اسماعيل الشاذلي نائب المدير المكلف بالبحث العلمي بالمعهد العالي للمهن التمريضية بأكادير، والدكتور لحسن أشامي نائب المدير المكلف بالدراسات بالمعهد نفسه، والسيدة نادية كمال مديرة معهد تزنيت.
وشهد الحفل الافتتاحي تكريم الممرض المتقاعد السي عبد العزيز السكراتي وزوجته الممرضة السيدة الروبيو، في لحظة مؤثرة تمزج بين العرفان المهني والوفاء الإنساني. كما تم تكريم الأستاذ الطيب اليعقوبي اعترافًا بمساره الحافل في ميدان التدريس والتأطير التمريضي، حيث مُنح عمرة إلى بيت الله المقدس في أجواء تفيض بالمحبة والاحترام.
وقد ألقى الدرس الافتتاحي الأستاذ إبراهيم أدمو، أستاذ علم المناعة بجامعة القاضي عياض بمراكش ورئيس قسم المناعة بالمستشفى الجامعي محمد السادس، حيث قدّم مداخلة علمية رصينة حول الحساسية والتغذية، واضعًا المشاركين أمام أسئلة عميقة عن أثر النظام الغذائي على الجهاز المناعي وتفاقم الأمراض المزمنة.
خُصّص يوم السبت 21 يونيو لسلسلة محاضرات علمية غنية ومركّزة، ألقاها أساتذة وباحثون من مؤسسات عليا مختلفة، حيث توزّعت العروض كالتالي:
-الدكتور إبراهيم الشادلي، أستاذ بالمعهد العالي للمهن التمريضية بأكادير، قدّم مداخلة عن تحول نمط التغذية والأمراض داخل المجتمع المغربي، مشيرًا إلى التغيّرات السوسيواقتصادية وأثرها على الصحة.
-الدكتور مراد كنوني، أستاذ بالمدرسة العليا للتربية والتكوين بالجديدة، تناول موضوع حساسية الغلوتين، مبرزًا انتشار هذا الداء وحاجته إلى وعي غذائي دقيق.
-الدكتور سعيد أولخير، من المعهد العالي للمهن التمريضية بأكادير، ربط بين التغذية والميكروبات، موضحًا أثر الغذاء على التوازن الميكروبي داخل الجسم.
-الدكتور محمد البوزيدي، أستاذ بالمعهد العالي للمهن التمريضية بتزنيت، تحدث عن جودة الحياة وأهمية تحسينها من خلال اختياراتنا الغذائية اليومية.
-الدكتور إدريس همام، أستاذ بالمعهد العالي للمهن التمريضية بأكادير، ناقش الكلفة الاقتصادية للأمراض المزمنة ودعا إلى تبنّي سياسات غذائية وطنية مسؤولة ووقائية.
-الدكتور عبد الله موقال، اختصاصي في التغذية، اختتم الجلسات بعرض علمي مفصّل حول العلاقة بين السرطان والتغذية، مشدّدًا على أهمية النظام الغذائي المتوازن في الوقاية.
ولأن الجسد لا يتغذى بالدواء وحده، ولا العقل بالمعرفة الجافة فقط، فقد نُظّمت ضمن هذه الأيام مائدة ثقافية أدبية خصصت لموضوع “التغذية الروحية”، وشهدت توقيع روايات الطالبة “حياة عبيل”، إحدى طالبات المعهد، في لحظة احتفاء بالإبداع النسائي الطلابي، جسّدت التكامل بين التكوين العلمي والتعبير الإنساني.
وقد شارك في تأطير هذا اللقاء الأدبي كل من:
-الدكتور عبد العاطي الزياني، أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين.
-الدكتور محمد بوشيخة، أستاذ اللغة العربية وكاتب أكاديمي معروف.
اللقاء كان مناسبة لتأكيد أن الكتابة فعل علاجي، وأن الحكي والسرد أدوات لترميم الداخل وبناء شخصية مهنية متوازنة.
وفي اليوم الختامي (الاثنين 23 يونيو)، انتقل البرنامج من المحاضرة إلى الممارسة، حيث خُصّص لتكوينات تطبيقية لفائدة الأساتذة والطلبة، أبرزها:
-تكوين في كتابة المقالات العلمية، أشرف عليه الدكتور مراد كنوني، وقد تميز بتفاعل كبير من الطلبة والأساتذة الذين اكتسبوا أدوات عملية لإنتاج المعرفة ونشرها، بما يعزز مهاراتهم البحثية مستقبلاً.
لقد نجحت هذه الأيام العلمية في أن تكون منصة متعددة الأبعاد: علمية، إنسانية، ثقافية، وتكوينية، وكرّست موقع المعهد كمشتل للمعرفة الصحية، وفضاء للحوار بين الخبراء والطلبة، وبين الجسد والفكر، بين التكوين والمجتمع.
وقد خرج المشاركون بجملة من الرسائل، مفادها أن التغذية ليست مسألة رفاه، بل شأن صحي مركزي، وأن الاستثمار في الوعي الغذائي هو استثمار في الصحة الفردية والجماعية.