مجتمع

حرب السَّرديات و الإغتيال العَقلي : “لوموند” سلاح ناعم لإستهداف سيادة المملكة المغربية

 

بقلم : البراق شادي عبد السلام

 

20 غشت 1953، حاصر المقيم العام الفرنسي الجنرال أوغستين غيوم القصر الملكي في الرباط، وقامت قواته الاستعمارية بنفي قائد الأمة المغربية السلطان محمد الخامس والعائلة الملكية الشريفة إلى المنفى في كورسيكا. في نفس اللحظة بباريس، كانت الحكومة الفرنسية برئاسة فينسينت أوريول مجتمعة، حيث عبّر عن امتعاضه واعتبر الإقامة الفرنسية في المغرب قرارا غير أخلاقي و يفتقر إلى الحس السياسي ، فرانسوا ميتيران، وزير الشؤون الأوروبية هو الآخر قدم إستقالته إحتجاجا على هذا القرار الذي يتعارض مع التوجه الأطلسي لفرنسا ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذي إستبدلت بموجبه علاقتها مع مستعمراتها من الإمبراطورية الفرنسية إلى الاتحاد الفرنسي كتوجه جديد قادته نخبة فرنسية عانت هي الأخرى من الاحتلال النازي لباريس، وتدرك جيدًا معاني الحرية والسيادة والاستقلالية. في هذا السياق، تأسست جريدة لوموند على يد هوبير بوف ميري، في 18 ديسمبر 1944، بعد تحرير فرنسا من الاحتلال النازي. حيث جاء تأسيسها بمبادرة من الجنرال ديغول الذي أراد أن يزود فرنسا بجريدة ذات مصداقية دولية، موجهة للنخبة وبعيدة عن تأثيرات الأحزاب. تم اختيار الصحفي هوبير بوف ميري لإدارة الصحيفة، وقد أصر هذا الأخير على شروط صارمة تضمن استقلاليتها الكاملة عن السلطة السياسية والاقتصادية والدينية ، كانت الغاية الرئيسية من تأسيسها هي بناء صحافة فرنسية مرموقة وجادة، تقوم على الدقة والموضوعية، وتوفر تحليلًا عميقًا للأحداث، لتكون مرجعًا فكريًا للمواطنين، لا مجرد ناقل للأخبار.

 

كان موقف هوبير بوف ميري من الفكر الاستعماري نقديًا ورافضًا له إلى حد ما ، لم يكن هذا الرفض نابعًا من أيديولوجية سياسية محددة، بل من قناعات أخلاقية وفلسفية عميقة. كان يرى أن الاستعمار يتعارض بشكل جذري مع مبدأي الكرامة الإنسانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها. لهذا، كانت لوموند تحت قيادته من أولى الصحف الفرنسية التي انتقدت السياسة الاستعمارية في المغرب و الجزائر و تونس ، معتبرة إياها انتهاكًا للمثل العليا التي قامت عليها المقاومة الفرنسية ضد النازية. كانت الصحيفة تدافع عن ضرورة إنهاء الاستعمار ليس لأسباب اقتصادية أو سياسية فقط، بل لأنه يُعتبر نفيًا جوهريًا للإنسان المستعمَر كـ”شخص” له كرامته الخاصة، وليس مجرد “فرد” أو أداة.

 

في بحثنا عن جذور موقف هوبير بوف ميري من الإستعمار نجده متأثرا بشكل عميق بفلسفة إيمانويل مونييه (Emmanuel Mounier) ومذهبه الشخصاني. كان مونييه مؤسس مجلة إسبري (Esprit)، التي دافعت عن الإنسان كـ”شخص” يتمتع بكرامة وقيمة متأصلة، وليس مجرد “فرد” منعزل ، حيث تميزت هذه الفلسفة برفضها للمذهب الليبرالي الذي يفرط في تقدير الفرد، كما رفضت الفكر الماركسي الذي يضحي بالشخص من أجل النظام الاجتماعي ، بالنسبة لبوف ميري، كانت الصحافة وسيلة لتحقيق هذا الالتزام الشخصاني ، حيث بنى أخلاقيات صحيفته على مبدأ صحفي صارم عنوانه “التواصل و المسافة”، الذي يسمح بالاقتراب من السلطة للحصول على المعلومة (“التواصل”) مع الحفاظ على مسافة نقدية (“المسافة”)، وهي مقاربة تضع الصحافة في خدمة الشخص والمجتمع، لا في خدمة السلطة ، هذا الإطار الفكري هو ما جعله يرى في الاستعمار نقيضًا مطلقًا للشخصانية، لأنه يُجرّد الشعوب من كرامتها ويعاملها كأشياء.

 

إيمانويل مونييه هو الآخر بالبحث عن جذور فكره نجده متأثرا بفكر ” هنري دي سان سيمون دورفروا ” على نحو غير مباشر، من خلال السياق الفكري الذي نشأ فيه. كان سان سيمون في القرن التاسع عشر من أوائل المفكرين الذين قدموا رؤية نقدية للمجتمع الصناعي، ودعوا إلى إعادة تنظيمه على أسس أخلاقية وعلمية، مع التأكيد على دور النخبة المثقفة في قيادة التغيير. ورغم أن مونييه لم يتبنَ أفكار سان سيمون بشكل مباشر، إلا أن الشخصانية التي روج لها مونييه ورثت عنه فكرة أن التقدم المادي يجب أن يكون مدفوعًا بقيم أخلاقية وروحية كما أن كلاهما وضعا الإنسان في قلب اهتماماتهما ورفضا اختزال المجتمع إلى مجرد آلة اقتصادية. لذا، يمكن القول إن تأثير سان سيمون على مونييه تمثل في إعطاء الأولوية للبعد الروحي والأخلاقي على الجوانب الاقتصادية، وهو ما شكّل الأساس الفكري الذي انتقل فيما بعد إلى هوبير بوف ميري وأثر على موقفه من الاستعمار.

 

و في هذا السياق فسلسلة المقالات التي نشرتها لوموند التي تزعم أنها تحقيق صحفي إستقصائي عن نظام الحكم بالمملكة المغربية في ستة حلقات مليئة بالأراجيف و الأكاذيب المغلفة بالحقائق و المعلومات المفتوحة المصدر تندرج في إطار التراجع الأخلاقي و المهني لجريدة لوموند ضدا على مبادئها التي أسست عليها ، و يؤكد بشكل جلي على وجود نخبة باريسية تعيش خارج حركية التاريخ ، فهذه المقالات التي لن نرد على محتواها الكلاسيكي الغارق في زمن إبتزاز النخبة الفرنسية لقيادات المستعمرات السابقة في إفريقيا هي جزء من محاولة جهات معادية للمغرب شن حرب تستهدف الإضرار بالعلاقة الوطيدة بين العرش العلوي و الشعب المغريي .

 

في خضم هذا التدهور الأخلاقي الذي يمثله الخط التحريري الجديد لـ “لوموند”، لا يسعنا إلا أن نتأمل في مرآة التاريخ. فكما وُلدت الجريدة على أنقاض صحافة متواطئة مع نظام فيشي الموالي للنازية، يُخشى اليوم أن تكون كتاباتها عن المغرب علامة على انبعاث جديد لأفكار بائدة، تعود لتبرير التدخل في شؤون الدول ذات السيادة. فالنخبة التي عانت من الاحتلال النازي لم تكن لتقبل بتجريد الشعوب من كرامتها، لكن يبدو أن جيلًا جديدًا في باريس قد نسي دروس التاريخ. هذا الجيل، الذي لم يختبر مرارة الإحتلال ، يرى في المغرب، بمشروعه التنموي الأفريقي، نموذجًا لا يتوافق مع رؤيته المركزية للعالم، فيسعى لعرقلته بنفس الأدوات القديمة، تحت شعارات حديثة.

 

إن ما يُنشر اليوم ليس فقط تحقيق صحفي بدون اهداف او بدون خلفيات، بل هو تجلٍ جديد لعقيدة السان-سيمونية، التي كانت في جوهرها تبريراً أخلاقياً للإمبريالية ، و بالتالي فلوموند، التي كانت في السابق منبرًا للعدالة والتحليل العميق، أصبحت اليوم وسيلة لنشر الأراجيف، متخلية عن إرثها في خدمة الحقائق لصالح خدمة المصالح الضيقة.

 

ما لا يدركه جزء مهم من النخبة الإعلامية و السياسية

الفرنسية أن التعامل وفق مناهج زمن الوصاية الإيديولوجية و المركزية الأوروبية قد إنتهى في المملكة المغربية بقرار مغربي سيادي و شعبي، نحن اليوم نعيش في زمن مغاير لما ترسخ في الوعي الجمعي الفرنسي على باقي شعوب العالم برؤية إستعلائية تمتح من القاموس الإستعماري و الفكر السان – السيموني البائد الذي إنتهى بحروب عالمية كانت فرنسا طرفا فيها و خسائر بمئات الملايين من البشر .

 

السان -السيمونية الجديدة كشفت عن وجهها القبيح المتجدد على منصات جريدة لوموند و التي كانت إلى عهد قريب يمثل خطها التحريري القيم الإنسانية الكبرى و القيم الإنسانية السامية الذي كرسه المؤسس هوبير بوف-ميري. حيث وُلدت الجريدة على أنقاض جريدة الزمن (Le Temps)، التي اتُهمت بالتعاون مع نظام فيشي الموالي للنازيين ، و هنا ​منذ البداية، تبنت لوموند ميثاقًا تحريريًا صارمًا يضمن استقلالية الصحيفة عن السلطة السياسية والضغوط الاقتصادية ، لكن اليوم و بعد أكثر من ثماني عقود نجد أن الجريدة أصبحت تكتب عن المغرب من محبرة الإعلام الجزائري المأجور التابع للمخابرات الجزائرية عن طريق إستهداف المغرب بسلسلة من المقالات التي تتدرج في إطار الحملات السياسية الجوفاء و المشبوهة بشكل لا يساير الرغبة الأكيدة التي ما فتئت المملكة المغربية تؤكد عليها بمواقف مسؤولة و واضحة و تعاون كامل في مختلف القضايا المشتركة و المصيرية بين المغرب و الدولة الفرنسية بمختلف مكوناتها بناء على التاريخ المشترك العريق بين البلدين .

 

​إن التحدي الحقيقي في الرد على مثل هذه المقالات ليس في تفنيد كل كذبة أو مغالطة على حدة، بل في فهم السياق الأوسع الذي تندرج فيه. فمحاولات “لوموند” للتشكيك في شرعية المؤسسة الملكية و ضبط توقيت الرباط العاصمة حسب مصالح باريس من خلال إعادة رسم صورة نمطية بالية للعلاقة بين المؤسسة الملكية و الشعب المغربي ، تتجاوز حدود النقد الصحفي إلى التدخل السافر في شؤون دولة ذات سيادة، ف​المغرب في حركته التاريخية الحديثة، أكد مرارًا وتكرارًا على استقلالية قراره الوطني، سواء في قضاياه الداخلية أو في علاقاته الخارجية. وهذا المسار السيادي لا يمكن أن يرضي بعض النخب الباريسية التي اعتادت على التعامل مع دول شمال إفريقيا بمنطق “الوصاية” و”التوجيه”. لذا، فإن مقالات “لوموند” ليست فقط هي انزلاق مهني، بل هي تعبير عن إحباط واضح من فشل تلك النخبة في إخضاع المغرب لأجنداتها، ومحاولة يائسة لاستعادة نفوذها من خلال ضرب استقرار البلاد وتشويه صورتها فينا يمكن أن نسميه عودة الافكار السان – سيمونية لكن في حلة جديدة ؛ فالعقيدة السان- سيمونية الجديدة في القرن الواحد و العشرين كمثيلتها القديمة التي ظهرت في القرن الثامن عشر تعتمد على نفس الشعارات و نفس الوسائل و الأدوات و الدول الفاشلة لتحقيق تسربها و تغلغلها و تنفيذ أجندتها الإستعمارية البغيضة ، بالعودة للتاريخ في سنة 1831م نُشر مقال في الجريدة السان – سيمونية الفلسفية والأدبية الفرنسية «Le Globe» جاء فيه: “على فرنسا غزو الجزائر لنقل الحضارة الأوروبية للشعوب المتخلّفة” ..// لأن المستعمرات الثلاث في الجزائر ستشكل قاعدة إنطلاق جنوب المتوسط للتغلغل في دول شمال إفريقيا ( الإمبراطورية المغربية – إيالة تونس – الساحل الإفريقي ) و اليوم تقوم الدوائر الإستعمارية الجديدة في باريس بتحالف موضوعي مع النظام الجزائري النيوباتريمونيالي بهدف الحفاظ على مصالحها الضيقة في إفريقيا من أجل تحقيق حلم التطويق الجيوبوليتيكي للمغرب و محاصرة مصالحه في إفريقيا و السعي إلى فرملة و إجهاض ” السياسة المغربية الإفريقية – الأطلسية ” و التي دشنها جلالة الملك محمد السادس بزيارات مكوكية لمختلف أقطار القارة الإفريقية وفق مبادئ إجتماعية واضحة و برنامج تنموي إفريقي بأيادي إفريقية و إستثمارات هيكيلية واعدة تخدم إنتظارات الشعوب الإفريقية في إطار تعاون جنوب – جنوب كالمبادرة الملكية لولوج دول الساحل للواجهة الأطلسية و أنبوب الغاز إفريقيا – الأطلسي ، حيث تتدخل الدوائر الإستعمارية في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات سيادة و التي تعارض مخططاتها بالركوب على شعارات حقوق الإنسان و الديمقراطية و الحريات بنفس الآليات و الميكانيزمات القديمة .

 

“علينا نقل الحضارة الأوروبية إلى الشعوب المتخلّفة” بهذه العبارات يؤكد الكونت كلود هنري دي سان سيمون دورفروا سنة 1817 على أن السان-سيمونية كحركة فكرية قادها إشتراكيون فرنسيون ثم أوروبيون فيما بعد حملت مبادئ و أهداف سامية في ظاهرها و إستخدمت شعارات الثورة الفرنسية التي كانت تدعوا للعدالة والإنسانية والإخاء والتواصل السلمي بين الشرق والغرب، لكن الحقيقة التاريخية أن حدث إحتلال الجزائر إبتداءً من سنة 1830م و إغراق مصر الخديوية في الديون على يد فيرديناند ديليسيبس تلميذ سان سيمون الوفي رسَّخ حقيقة تاريخية أن هذه الإيديولوجية الإنسانية ذات مضمونٍ مركزي – أوروبي عنصري في خدمة الاستعمار و توفر الغطاء الإيديولوجي و السياسي و الأخلاقي لمرحلة التدافع نحو إفريقيا التي رسختها مؤتمرات إستعمارية للقوى الإمبريالية كمؤتمر برلين لعام 1884و ما لحقه من توافقات و إتفاقات تقسم الدول الإفريقية و مقدراتها حيث تعرضت لأكبر عملية نهب في التاريخ الإنساني، السان -سيمونية كانت ترى في إستعمار الشعوب وإستغلال ثرواتها مدخلا لنقل الحضارة الأوروبية التي تعتبرها مركزية في التاريخ الإنساني ، المركزية الأوروبية كموقف فكري و كمجموعة من المعتقدات البائدة ونموذج فهم وتحليل متجاوز يتصور أن أوروبا هي قلب العالم و المحرك الأساسي ومركز لتشكل القيم العلمية والأخلاقية و القانونية و الحضارية، و على هذا الأساس فهي تمتلك النماذج الأكثر تطورا و تقدما للحضارة الإنسانية ، حيث شكلت تبريرا سياسيا للعنف الاستعماري الإمبريالي و الإضطهاد الأوروبي للشعوب الإفريقية و إستغلال ثرواتها و مقدراتها و هو ماعبر عليه مقال جريدة ” Le Globe ” سنة 1831 : ” ستهيمن عقيدتنا في المستقبل… أكثر مما هيمنت المسيحية في العصور الوسطى… وسيواجه انتشار عقيدتنا مصاعب كبرى دون شك ولكننا على إستعداد لتجاوز هذه الصعاب… سيكون النجاح حليفنا لأننا نتجه نحو الإنسانية”..//و على هذا الأساس فيحق لها ممارسة دور الوصاية و لم لا الحماية و الإستعمار لدول أخرى تحت شعار مساعدتها على تحقيق الديمقراطية و الإنتقال السياسي و ترسيخ قيم الحريات و العدالة .

 

الإشكالية الأكبر لفكرة المركزية الأوروبية هي جنوحها المتطرف لتفسير كل الظواهر في العالم من خلال نظرة أحادية أوروبية، بإفتراض تفوق القيم الثقافية الأوروبية على قيم المجتمعات غير الأوروبية و تطور نماذجها المجتمعية على المجتمعات الأخرى دون التوقف عند خصوصيات الآخر أو محاولة فهم رؤيته بشكل منطقي عقلاني ، رغم أن هذا الطرح الإيديولوجي يمكن إعتباره غارقا في الإنعزالية و خارج منظومة التاريخ المتحركة بشكل رهيب حيث أصبحت هذه الفكرة واقعا جيوسياسيا متجاوزا و عمليا فنتائج الحرب الاوروبية الثانية ( 1939 – 1945 ) بين النازيين و الحلفاء أصبحت تخص الجانب الأوروبي وحده و لا علاقة للمغرب بتداعياتها البعيدة الأمد على التوازنات الإستراتيجية في القارة العجوز و مدى موائمة سياساتها الخارجية مع توجه الدولة المغربية لكي تلعب دورها الإقليمي الرائد و الدولي المتصاعد في الحفاظ على الأمن و السلم العالمي و كجسر حضاري بين الأمم و هذا ما نبه إليه جلالة الملك محمد السادس في خطاب سابق بأن : ” المغرب حر في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد. ” // إنتهى الإقتباس .

 

و على هذا الأساس فسلسلة مقالات “لوموند” المشبوهة ليست فقط إنزلاقا مهنيا، بل هي تحول جوهري في طبيعة عمل الجريدة، من منبر للصحافة الحرة إلى أداة بئيسة في حرب السرديات. إن هذه المقالات، التي تتخفى وراء قناع التحقيق الاستقصائي، هي في جوهرها تجلٍ لـ أيديولوجية السان-سيمونية الجديدة، التي تسعى إلى تبرير التدخل في شؤون الدول ذات السيادة تحت شعارات زائفة. إنها حرب عقول تستخدم البروباغندا والتضليل والتزييف لضرب الوعي، وتعتمد على فن الإقناع اللاواعي والمغالطات المنطقية.

 

لقد أصبحت “لوموند”، التي أسست على مبدأ “التواصل والمسافة” للحفاظ على استقلاليتها، تتبنى اليوم نهجًا يهدف إلى التطويق الإعلامي للمغرب، والاستهداف الممنهج لشرعية المؤسسة الملكية ، هذا التوجه لا يمثل فقط خيانة لإرثها الذي كرسه مؤسسها هوبير بوف ميري في مناهضة الاستعمار، بل يبرز أيضًا انقطاعًا عن مبدأ الكرامة الإنسانية الذي قامت عليه. لذا صديقي القارئ فالخصم الحقيقي في هذه الحرب ليس جيشًا نظاميًا، بل هو كيان غير مرئي، يشن اغتيالًا عقليًا أخطر من الاغتيال الجسدي. أسلحته هي الأفكار المسمومة التي تبث الكراهية والانقسام عبر استراتيجية التشكيك المنهجي، بهدف إرباك الجمهور وتقويض ثقته في مصادره ، اليوم لم تعد المعارك تُحسم بالدبابات فقط ، بل بـ حصانة عقلية قوية، وإدراك أن عقلك “أمن قومي” يتجاوز حماية الحدود الجغرافية. وفي هذه الحرب، يبدو أن “لوموند” اختارت أن تكون سلاحًا موجهًا، لا مراقبًا محايدًا، في محاولة يائسة لفرض أجندة خارجية على دولة عريقة و عظيمة تصر على سيادتها قرارها الوطني و إستقلالية قراراتها السيادية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى