هكذا تُسهم التكنولوجيا والعملات الرقمية المُشفرة في سوق تحويل الأموال
خلصت ورقة بحثية إلى تأثر تحويلات العاملين بالخارج بعاملين أساسيين: أولهما الاقتصاد الكلي للدولة المُصدرة، وثانيهما قدرة التكنولوجيا على تحسين كفاءة التحويلات.
وبينت الورقة البحثية، التي أعدها محمود نجم الباحث المتخصص في الاقتصاد الدولي ونشرها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أن “الاقتصاد الكلي للدولة المُصدرة يخلق تحديا أمام الدول المُستقبلة يتمثل في ضرورة تنويع مصادر تحويلات عامليها بالخارج أو تقليل اعتمادها على التحويلات”.
وفيما يهم قدرة التكنولوجيا على تحسين كفاءة التحويلات، قالت الورقة البحثية إنها “قد نجحت شبكات وتطبيقات الهواتف المحمولة في ذلك دون القضاء على المنافذ التقليدية للتحويلات، مثل البنوك وشركات تحويل الأموال؛ لكن هناك مساحة كبيرة للتحسن”.وأوضحت أنه “على الجانب الآخر، ما زالت العملات المُشفرة بعيدة عن الحصول على جزء من كعكة تحويلات العاملين عبر الدول؛ ما يخلق فرصا كبيرة للاستثمار العابر للقارات في آليات تحويل الأموال، على أن يدمج الاستثمار بين الآليات الجديدة والقديمة”.
وتحدثت الورقة عن كيف تُسهم التكنولوجيا في تحسين ثلاثة عوامل ذات صلة بتحويلات العاملين بالخارج، وهي: سرعة التحويل، وتكلفة التحويل، ووصول التحويل إلى أقرب نقطة للمُستفيد.
وأشارت إلى أن العالم استفاد، خلال الـ15 عاما الأخيرة، من ثلاث طفرات تكنولوجية في مجال تحويل الأموال؛ أولاها في عام 2007 عندما تم استخدام الجيل الأول من خدمات المحمول “الرسائل النصية” في الشمول المالي وتحويل الأموال والإرشاد المصرفي خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء.
أما الطفرة الثانية فتمثلت في انتشار تطبيقات تحويل الأموال، والتي بلغت ذروة نموها عام 2014. والطفرة الثالثة هي استخدام العملات المُشفرة، والتي بالرغم من ظهورها عام 2009، فإن الطفرة الحقيقية في معدلات نمو استخدامها كانت عام 2017.
واستدلت الدراسة بورقة عمل بعنوان: “ضجيج حول تلبية التكنولوجيا المالية احتياجات سوق التحويلات” والصادرة عام 2022 عن صندوق النقد الدولي، والتي رصدت أثر التكنولوجيا المالية في حركة الأموال إلى 105 دول مُستقبلة للتحويلات المالية.
ونفت هذه الورقة أي أثر سلبي للتوسع في استخدام التكنولوجيا المالية على المنافذ التقليدية لاستقبال التحويلات (شركات تحويل الأموال والبنوك ومكاتب البريد)، بل على العكس استخدمت هذه المنافذ التطورات التكنولوجية لصالحها، ووفرت بواسطتها كثيرا من الوقت والمال، وتوسعت في تقديم خدماتها، وهذا على عكس المخاوف التي ملأت أسواق المال في العقد الماضي.
وقالت الورقة إنه “وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، فإن تطبيقات تحويلات العاملين تجاوزت البنوك التقليدية من حيث عدد ممرات التحويل (تغطية دولة المصدر ودولة المُستقبل) بنهاية عام 2020، حيث تُغطي التطبيقات الإلكترونية 68.8 في المائة من ممرات تحويل الأموال، بينما تُغطي البنوك 68.4 في المائة؛ فيما ظلت مكاتب تحويل الأموال التقليدية في الصدارة، حيث تُغطي 96.7 في المائة من ممرات تحويل الأموال إلى الدول النامية.
ورصدت أن النجاح الأكبر لاستخدام التكنولوجيا في عالم التحويلات من نصيب “تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول”، والذي ازدهر في إفريقيا جنوب الصحراء منذ عام 2007، ولا تحتاج هذه التقنية إلى هاتف ذكي مُرتفع السعر، حيث تعتمد على الرسائل النصية؛ ما أدى إلى تحقيق الشمول المالي في إفريقيا دون الحاجة إلى البنوك.
وحسب الورقة، فإنه على الرغم من ذلك تبقى حصة “تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول” عند حوالي 2 في المائة فقط من إجمالي التحويلات في العالم، حيث تؤدي هذه التقنية دورا فعالا؛ لكنه يظل محدودا ومرتبطا بالأساس بغياب شبكات البنوك ومكاتب البريد وشركات تحويل الأموال.