الاحتجاجات السلمية بالمغرب: بين الحق في التعبير وضرورة اليقظة

متابعة : كمال قابل
تؤكد المشاهد التي عرفتها بعض المدن المغربية مؤخراً، وعلى رأسها أكادير، على حقيقة راسخة في المشهد السياسي والاجتماعي بالمملكة: وهي أن الحق في الاحتجاج والتعبير السلمي يظل مكفولاً وممارسة طبيعية للتعبير عن المطالب الاجتماعية والاقتصادية. لقد تميزت غالبية هذه الوقفات بطابعها المدني والهادئ، وهو ما يعكس وعي المواطنين بضرورة الحفاظ على المكتسبات الدستورية والقانونية في التعبير عن الرأي.
سلمية المظاهرات وإشكالية التدخل الأمني
شهدت هذه الاحتجاجات تطبيقاً عملياً للمطالب، حيث كان الغرض الأساسي هو إيصال صوت المواطن. ومع ذلك، تبقى مسألة التدخلات الأمنية في مثل هذه التجمعات نقطة خلاف رئيسية. فبينما يصر المنظمون والمشاركون على أن التظاهرات كانت سلمية بالكامل، وأن التدخل كان مبالغاً فيه، تبرر السلطات عادةً تدخلها بضرورة فض تجمعات غير مرخصة أو احتواء أي محاولات لتجاوز القانون وتعريض النظام العام للخطر. هذه التباينات تتطلب دائماً المزيد من التحقيق والوضوح لضمان التوازن بين حماية الأمن والحريات الفردية.
أجندات الاستغلال: تحديات داخلية وخارجية
إن الإيمان بسلمية المظاهرات وشرعيتها لا ينبغي أن يحجب اليقظة حول الأجندات التي قد تسعى لاستغلال هذه الأوضاع لخدمة مصالح ضيقة. فالحركات الاحتجاجية، مهما كانت نبيلة في أهدافها، قد تصبح أداة بيد أطراف مختلفة:
حسابات سياسية ضيقة (الاستغلال الداخلي): مع اقتراب أي استحقاقات سياسية أو انتخابية، تصبح الاحتجاجات أرضاً خصبة لبعض الأطراف الحزبية والسياسية التي تسعى لتحقيق مكاسب حزبية على حساب القضايا الجوهرية للمواطنين. ويتم ذلك عبر تضخيم الأحداث أو تحويل مسارها لتحقيق منافسة سياسية ضيقة، بعيداً عن خدمة المصلحة العامة.
محاولات زعزعة الاستقرار (الاستغلال الخارجي): على المستوى الإقليمي، لا يمكن تجاهل وجود أطراف خارجية تسعى باستمرار لتوظيف أي توتر داخلي في المغرب. تتمثل هذه المحاولات في تضخيم الأحداث عبر منصات التواصل ووسائل الإعلام الموجهة، بهدف تأجيج الرأي العام وزعزعة الاستقرار. إن الوعي بهذه المحاولات الخارجية التي تسعى لاستثمار الاضطرابات الإقليمية يظل ضرورياً، ويتطلب من الجميع، سلطات ومواطنين، توخي أقصى درجات الحكمة والمسؤولية الوطنية.
في الختام، يبقى المغرب مطالباً بضرورة التوفيق بين حماية حق المواطن في الاحتجاج، وبين التحلي باليقظة تجاه أي محاولات داخلية أو خارجية لتحويل مسار المطالب المشروعة إلى فوضى تخدم أجندات تهدف إلى النيل من استقرار الوطن ووحدته.