محمد المصطفى خيا: الرقابة على المال العام بالمغرب بين إشكالية النجاعة ومتطلبات الحكامة
محمد المصطفى خيا: الرقابة على المال العام بالمغرب بين إشكالية النجاعة ومتطلبات الحكامة
إعادة القيمة للرقابة البرلمانية على النفقات العمومية ويدفع البرلمان إلى ممارسة رقابة حقيقية عبر تعزيز هذه السلطات طوال مسطرة المصادقة على قانون المالية.
وكما هو معلوم، فالوظائف الكلاسيكية للإدارة تغطي مجالات التخطيط والإشراف والتنفيذ والمراقبة والتتبع والتقييم. وتعتبر المراقبة من أهم وأبرز هذه الوظائف، لأن مهام المراقبة أساسية ووازنة في القرار الإداري والخدمة الإدارية، من حيث أنها تربط عمل الإدارة بكل الضمانات والمسوغات القانونية الضرورية لتحصينه من الشوائب والمخالفات التي قد تشوب الأداء الإداري.
ومن هذا المنطلق فإن الوضع الرقابي بالمغرب يتميز بالتعدد والتنوع، ويستمد هذا الوضع أسسه من عهد الحماية التي بادرت آنذاك الى القيام بمجموعة من عمليات التحديث للنظام المالي، خاصة من خلال تبني الميزانية العامة، وإحداث خزينة عامة واحدة وإدخال آليات المراقبة المالية العصرية.
وهكذا تعددت وتنوعت أدوات التدخل الرقابية للدولة لتتفاعل مع العمل الإداري في كل حلقات مسلسل العملية الإدارية، بحيث لم تعد من مساحة إدارية إلا وتخضع لنوع أو أنواع من المراقبة، ويمكن التمييز على العموم بين المراقبة الإدارية والمراقبة البرلمانية والمراقبة القضائية، وترتبط بهذه الأجهزة هيئات أخرى ثانوية تمثل آليات اشتغالها ووسائل عملها.
كما تتميز هذه الأجهزة الرقابية، باختلاف توقيت تدخلها الذي قد يكون إما سابقا لتنفيذ القوانين المالية أو مواكبا لها أولاحقا لعملية التنفيذ، أما من حيث نطاق عملها فنجد أنها تصطبغ بالطابع الذي تعمل في نطاقه (إداري، سياسي، قضائي) بحيث تشكل في نهاية المطاف منظومة متكاملة المهام تكفل ما يكفي من الفعالية لعقلنة وترشيد الإنفاق العمومي وخدمة التنمية.
ورغم تعدد أجهزة وآليات الرقابة المالية وتنوعها ظاهريا، فإن ممارساتها العملية أبانت عن اختلالات عميقة وعجز واضح في النهوض بالمهام الرقابية الموكولة إليها، هذا العجز الذي كان سببا رئيسيا في تراكم الإنزلاقات والمخالفات المالية الخطيرة التي عرفها تدبير المال العمومي.
محمد المصطفى خيا
باحث بسلك الدكتوراه بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء- كلية الحقوق المحمدية