البرنامج المرحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان
بقلم : البراق شادي عبد السلام
في مرحلة النضال الجامعي كان يتداول مصطلح
” التݣلݣيل” كناية على ذلك النقاش التافه الغير مجدي و الذي لن ينتهي بنتائج علمية و غير مبني على قواعد أكاديمية دقيقة و كان الرفيق “الݣلاكلي” هو ذلك الشخص الذي ينتهج هذا المنهج العقيم في النقاش و كان ” الݣلاكلية ” هم مجموعات الطلبة الذين يعتنقون هذا الأسلوب في نضالاتهم الطلابية و أبرزهم فصيل ” النهج القاعدي الديمقراطي – مكون البرنامج المرحلي ” و هم رفاق ماركسيون لينينيون متمسكون بميكانيزمات تحليل متجاوزة و غير واقعية ، لهم إيمان بالعنف الثوري كطريق لبناء دكتاتورية البروليتاريا و مواجهة النظام
” الكومبرادوي ” و البرجوازية الكولونيالية العميلة للقوى الإستعمارية كما كان إعتقادهم الخاطئ و مواجهة القوى الإصلاحية و التحريفية عن طريق العنف حيث تمت ممارسته ضد كل من سولت له نفسه معارضة أفكارهم و توجهاتهم لو كان رفيقا فاعلا في الساحة الجامعية أو من نفس التيار أو من فصيل آخر له مقاربته الخاصة لتحليل العالم لتضاف إلى أزمة الحركة الطلابية أزمة أخرى سنة 1986 عنوانها العريض
” البرنامج المرحلي ” .
أغلب هؤلاء ” الݣلاكلية ” هم اليوم شيوخ يشكلون النواة الصلبة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان و تعبيرات يسارية أخرى في المشهد السياسي و الحقوقي بالمغرب ،أبرزهم الرفيق الذي لا يشق له غبار السيد عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذي لا يتوانى منذ إنتخابه على رأس هذا الإطار الحقوقي في الإضرار بالأمن القومي للمملكة المغربية إنطلاقا من مقاربة حقوقية خاطئة لقضية الوحدة الترابية للمملكة متمترسا وراء إطار تنظيمي له مساهمته المهمة في ترسيخ قيم الإختيار الديمقراطي بالمملكة المغربية منذ بداية طريق النضال الطويل الذي دشنه جيل التأسيس مع الدكتور و الفيلسوف و المفكر و الديبلوماسي علي أومليل عام 1979 .
في هذا الإطار فأن تصريحات عزيز غالي المسيئة لشعور الجماهير الشعبية المغريية المؤمنة بعدالة قضية الوحدة الترابية للمملكة و المؤمنة أيضا بصوابية موقف ” الدولة المغربية ” في مواجهة المخططات الإستعمارية لتقسيم الدول الوطنية خدمة لمصالح الشركات العابرة للقارات و الدوائر الإستعمارية الدولية ،هذه التصريحات الغريبة المبنية على قراءة غير سياسية و غارقة في النمطية نستشف منها السقوط الأخلاقي المؤسف لأنتلجسيا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كإطار وطني عتيد له مساهماته الكبرى في الحفاظ على مبادئ حقوق الأنسان و حرية التعبير و غيرها من الحقوق التي كرسها دستور 2011 و التوجه الحقوقي للدولة المغربية و مؤسساتها الإستراتيجية و التي تعتبر الخيار الديمقراطي قرارا سياديا لا يمكن التراجع عنه .
اليوم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من خلال تصريحات رئيسها تسير عكس رغبات الشعب المغربي عن طريق تهديد الوحدة الترابية للمملكة المغربية و الترويج لأطروحات إنفصالية ،ففي الوقت الذي تتجند فيها كل القوى الحية في المجتمع خلف الدولة و مؤسساتها من أجل الترافع الجدي و الفاعل دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة من خلال إفشال المخططات التقسيمية التي تهدد الوطن يصر عزيز غالي على معاكسة سيرورة المجتمع المغربي الذي أصبح أكثر تشبثا و دفاعا و إنتصارا للقضية الأولى للمملكة في إطار صيرورة تاريخية تعكس تطور الشعور الوطني الجامع لكل المغاربة في إطار الوحدة الوطنية التي تشكل الإطار المرجعي الأول للوحدة الترابية للوطن .
إصطفاف عزيز غالي و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى جانب طروحات أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية يمكن فهمه من خلال مسارين الأول تاريخي و الثاني سياسي .
– تاريخيا قوى اليسار الجذري كانت لها مواقف متطابقة مع العدو في مايخص الوحدة الترابية للمملكة حيث عبرت كل القوى المنضوية تحت لواء الحركة الماركسية اللينينية كمنظمة إلى الأمام و لنخدم الشعب و باقي التعبيرات اليسارية الأخرى ( بإستثناء حركة 23 مارس في مرحلة معينة ) على دعمها الصريح و المباشر و الواضح للطروحات الإنفصالية في إطار الصراع الوجودي المفتوح الذي كان قائما مع الملكية طوال عقد السبعينات و الثمانينات ،هذا الصراع الذي إنتهى بهزيمة مدوية و إنهيار حتمي للقوى اليسارية المتطرفة و إنتصار التوافق السياسي و الإنصهار في جهود إقامة دولة الحق و القانون وفق توافق مجتمعي يخدم أولا و أخيرا مصلحة الشعب المغربي العظيم ، مواقف اليسار الجذري المناوئة للوحدة الترابية للمملكة المغربية في سبعينيات القرن الماضي كان من الممكن فهمها في إطار خدمة المشاريع التوسعية للجزائر و الإستقطاب الإيديولوجي الحاد بين المعسكر الشرقي و الغريي و الرغبة الجامحة للحركة الماركسية اللينينية في الإلتزام بالسياسة المركزية للكومنترن و طروحات زينوفايف و غيرها من النظريات التي أثبت الحتمية التاريخية فشلها و عجز معتنقيها في تقديم إجابات حقيقية لتفاعلات المجتمع و الذي ترجمه الموقف الشاذ من الوحدة الترابية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان و رئيسها الذي يقف ضد تطلعات الجماهير الشعبية و يخدم مصالح القوى البرجوازية الكولونيالية المتحالفة مع القوى الوظيفية التابعة للإمبريالية الإستعمارية في الجزائر .
– سياسيا إتخذت الدولة المغربية بقيادة العرش العلوي المجيد قرارها بتحرير الصحراء المغربية من الإستعمار الإسباني في إطار الإجماع الوطني الذي كرسه الإنخراط الواسع لكل مكونات الشعب المغربي و قواه الحية في ديناميكية التحرير لتترجمه المسيرة الشعبية الخضراء نحو الأقاليم الجنوبية ، حيث تحملت الملكية مسؤولتها كقوة تحرير وطني في إطار مشروعيتها التاريخية ، و تحقيقا لطموحات الشعب المغربي في إستكمال وحدته الترابية ،و اليوم رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يعبر على موقف سياسي متجاوز يندرج في إطار الطفولية اليسارية أو الصبيانية اليسارية و الذي هو نتيجة تراكم تاريخي لقرارات و مواقف الحركة الماركسية اللينينية الخاطئة التي تبناها فيما بعد تيار مهيمن داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بدون إخضاعها لمراجعة دقيقة أو لقراءة سياسية جديدة تلائم التطورات الميدانية على الأرض .
من الغباء أن يؤسس رئيس الجمعية المغربية لحقوق الأنسان موقفه السياسي من قضية الوحدة الترابية إنطلاقا من وثائق أصدرتها قيادات شبابية ماركسية في بداية السبعينيات على شكل إفتتاحيات و كراسات داخلية كانت تشكل مرجعية سياسية لمنظمة إلى الأمام في إطار مغامرة سياسية غير محسوبة العواقب أدى ثمنها العشرات من المغرر بهم لعقود طويلة من السجن و الإعتقالات .
أنتلجسيا الجمعية المغربية لحقوق الأنسان مطالبة اليوم بإعادة تقييم الموقف السابق و تدقيقه و معالجة تناقضاته المفاهيمية من خلال صياغة موقف سياسي و طرح حقوقي يتناسب و الوضع الذي يعرفه ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية مع إستحضار الإنجازات التنموية و السياسية و الأمنية و الديبلوماسية للمملكة طوال عقود من نزاع إقليمي مفتعل هدفه الأساس تطويق المملكة المغربية و تبديد مقدراتها و إستغلال ثرواتها في إطار النظام البومديني التوسعي المهيمن على محيطه الإقليمي و هي مطالبة بصياغة الموقف الوطني الحقيقي من الصحراء ومهام الحركة الجماهيرية وقواها الحقوقية و الديموقراطية في دعم سيادة الوطن على كامل أراضيه و هذا لن يتأتى إلا بإفتكاك هياكل الجمعية المغربية لحقوق الأنسان من سيطرة مكون شوفيني عدمي لازال أسير معتقدات و أفكار متجاوزة تاريخيا و غير مقبولة جماهيريا أو شعبيا فعدد قنصليات الدول الداعمة لموقف المملكة المغربية في مدن الصحراء المغربية يضاعف أربع مرات عدد فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في كامل الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة .
اليوم المكونات ذات التوجه الوطني داخل هياكل الجمعية المغربية لحقوق الأنسان مطالبة في إطار مهامها الحقوقية و إلتزاماتها الدستورية بوقف هذا العبث الإيديولوجي و الإستخفاف الواضح بالشعور الجمعي لنا كمغاربة حيث لا يمكن التمترس وراء شعارات حقوق الإنسان لخدمة أجندات خارجية تستهدف الأمن القومي للمملكة المغربية و المصالح العليا للشعب المغربي ؛ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تبتعد بشكل كبير عن تطلعات الجماهير الشعبية و تقف عائقا أمام طموحاته المشروعة بالعيش الكريم و الأمن و الإستقرار تحت ظل الدولة القوية الحامية و بشكل خاص في ظل القيادة الطفولية الحالية الغير قادرة على الربط الجدلي بين المعارك النضالية التي تخوضها الجمعية و المعركة الإستراتيجية الكبرى التي تقودها كل القوى الحية في الوطن و في مقدمتها المؤسسة الملكية القائد الأوحد و الوحيد لنضالات و طموحات و آمال الشعب المغربي ؛
تصريحات رئيس الجمعية المغربية لحقوق الأنسان تؤكد حقيقة واحد أنها ليست تصريحات معزولة أو لها سياقها الخاص بل هي جزء من قناعة سياسية و إيديولوجية و تكتيك سياسي في إطار برنامج مرحلي تصاعدي يبتدأ بدعم الجماعات الإنفصالية و مخططات التقسيم و توفير الغطاء الحقوقي و السياسي لها بهدف إضعاف الدولة و مؤسساتها و ينتهي بمواجهة كل ما يمكن مواجهة في أفق المواجهة الشاملة !!!