هل يسيطر زعيم مافيا العقار “بولماشكل ” على قسم التعمير بعمالة أكادير؟

في وقت تراهن فيه الدولة على جعل مدينة أكادير رافعة تنموية بجهة سوس ماسة، تتزايد المخاوف من اختلالات عمرانية عميقة، وسط ما يُوصف بـ”الاختراق الممنهج” لقسم التعمير بعمالة أكادير من طرف لوبي عقاري نافذ، يتزعمه منعش معروف بلقب “ب بولمشاكل” ورفيقه “ك..البخيل”.
هذا الثنائي، الذي أصبح حديث الأوساط المحلية والحقوقية، يُتهم اليوم بالتحكم غير المعلن في مفاصل التعمير، من خلال شبكة علاقات متداخلة تربطه بمسؤولين إداريين ومنتخبين، سواء داخل عمالة أكادير أو بمؤسسات عمومية كبرى، في مقدمتها مؤسسة العمران.
الإسمنت يلتهم الفضاءات الخضراء
من أبرز الاتهامات المثارة، تفويت أراضٍ مصنفة ضمن الملك العمومي أو مخصصة للمساحات الخضراء، لفائدة مشاريع سكنية وتجارية ومدارس خاصة تابعة مباشرة أو غير مباشرة لـ”ب بالمشاكل” وشركائه، في تغييب لدفاتر التحملات وقواعد المنافسة. هذه العمليات، التي غالبًا ما تمر دون اعتراض، تطرح تساؤلات حول الجهات التي تُغض الطرف، وسبب غياب التقارير الرسمية حول هذه التغييرات العمرانية.
الأخطر أن مشاريع تعود لمؤسسة “العمران” يتم تفويتها، بحسب مصادر مهنية، خارج المساطر القانونية، في ما يشبه تحالفًا مصلحيًا بين رأس المال العقاري وبعض مراكز القرار المحلي.
تنسيقية الضحايا تتحرك
في ظل تصاعد هذه الخروقات المفترضة، دخلت تنسيقية ضحايا السكن الاجتماعي بأكادير على الخط، حيث شرعت في إجراء سلسلة من المشاورات مع عدد من الجهات الحقوقية والمدنية، بهدف كشف ما تصفه بـ”الهيمنة غير القانونية” لأحد الفاعلين العقاريين على مؤسسات حيوية بالجهة.
وبحسب مصادر من داخل التنسيقية، فقد تم إعداد ملفات موثقة وشاملة تم توجيه نسخ منها إلى وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان وسياسة المدينة، ووزارة الداخلية، وهيئات وطنية لحماية المال العام، بالإضافة إلى عدد من الجمعيات الحقوقية ووسائل الإعلام، في خطوة وصفت بـ”التصعيدية”، بعد استنفاد كل محاولات الحوار محليًا.
ملفات تُقبر… وتحقيقات تتبخر
ما يزيد من تعقيد هذا الملف، هو ما تردد بشأن تدخل مباشر لـ”بولماشكل ” و”ك البخيل” في إقبار تحقيقات حساسة، من بينها قضية المدير السابق لديوان مسؤول ترابي رفيع، والذي تم إعفاؤه من طرف وزارة الداخلية على خلفية خروقات جسيمة مرتبطة بخروقات خطيرة بعضا ذات صلة بالمركز الجهوي للاستثمار.
الملف، الذي وُصف حينها بالثقيل، اختفى فجأة من التداول، مما زاد من حدة الشكوك حول وجود ضغوط أو تدخلات حالت دون استكمال المسطرة القانونية، بل وأُغلقت الملفات دون محاسبة تُذكر.
من يوقف النزيف؟ وأين مؤسسات الرقابة؟
في ظل هذا الوضع، يُطرح تساؤل جوهري حول مدى قدرة مؤسسات الدولة، سواء الرقابية أو القضائية، على التصدي لهذه التجاوزات المفترضة. فهل نحن أمام مافيا عقارية حقيقية تتحرك بمنطق فوق القانون؟
مهما يكن، فإن مدينة أكادير، التي تعوّل على نهضة حضرية وتنموية شاملة، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍّ حقيقي:
هل يمكن بناء تنمية مستدامة في ظل استمرار منطق الريع واستغلال النفوذ في تدبير الشأن الترابي؟
الملف مفتوح
جهة سوس، بكل إمكانياتها ومؤهلاتها، تستحق حكامة ترابية شفافة، وعدالة عمرانية تحفظ التوازن بين الاستثمار والمصلحة العامة. أما الصمت عن ممارسات تفتقر للوضوح، فهو ما يُهدد هذه الرؤية، ويفتح الباب أمام استمرار فوضى تعمير لا تخدم إلا فئة ضيقة.
الأسئلة المطروحة اليوم كثيرة… والإجابات لم تعد تحتمل مزيداً من التأجيل.