معبر “أمغالة” الجديد: فرصة تنموية أم تحدٍ اقتصادي للكركرات؟

بقلم : كمال قابل
تترقب الأوساط الاقتصادية والتجارية باهتمام بالغ الإعلان عن مشروع إنشاء معبر حدودي جديد يربط المغرب بموريتانيا، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري وتسهيل حركة البضائع والأشخاص. ورغم أن هذه الخطوة تعد إنجازاً هاماً على مستوى البنية التحتية، إلا أنها تثير تساؤلات مشروعة وقلقاً كبيراً لدى شريحة واسعة من التجار وأصحاب المهن الذين يعتمدون بشكل مباشر على معبر الكركرات الحالي.
يشكل معبر الكركرات شريان حياة لمئات الأشخاص وعشرات الشركات، ليس فقط كمنفذ حدودي، بل كنقطة محورية لشبكة واسعة من الأنشطة الاقتصادية. على طول الطريق المؤدي إليه، تنتشر ورش إصلاح الشاحنات، والمقاهي، والمطاعم، ومحلات بيع قطع الغيار، ومحطات الوقود. هذه الأنشطة خلقت فرص عمل ومصادر رزق لمئات العائلات، وتحولت المنطقة إلى ما يشبه خلية نحل دائمة الحركة.
لكن، مع فتح معبر جديد، يخشى الكثيرون أن يؤدي ذلك إلى تحول كبير في حركة التجارة والمسافرين. فإذا كان المسار الجديد يوفر مسافة أقصر أو ظروفاً أفضل، فمن الطبيعي أن يتجه إليه سائقو الشاحنات وشركات النقل، مما سيؤدي حتماً إلى تراجع كبير في النشاط الاقتصادي في منطقة الكركرات.
فما هي التحديات التي قد تواجهها هذه الفئة؟
* تراجع الأرباح والمبيعات: ستقل أعداد الشاحنات العابرة، مما يعني تراجعاً في مبيعات المطاعم والمقاهي وورش الإصلاح، الأمر الذي قد يهدد استمرارية هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
* خسارة الوظائف: قد تضطر بعض الشركات إلى تقليص عدد موظفيها أو حتى إغلاق أبوابها نهائياً، مما سيزيد من معدلات البطالة في المنطقة.
* خطر الاستثمار: المشاريع التي تم تأسيسها مؤخراً بناءً على حركة الكركرات قد تواجه خطر الخسارة، في ظل انخفاض الطلب المتوقع.
إن التنمية الاقتصادية يجب أن تكون شاملة وعادلة. ومع الإيمان الكامل بفوائد المشروع الجديد على المدى الطويل، فمن الضروري أيضاً أخذ هذه التحديات بعين الاعتبار. يجب أن ترافق المشاريع الكبرى خطط دعم وتأهيل للمناطق التي قد تتأثر سلبًا، لضمان عدم ترك أي شخص خلف الركب.
المعبر الجديد هو فرصة لتعزيز مكانة المغرب كبوابة لإفريقيا، ولكن في الوقت نفسه، يجب ألا نغفل عن حماية مكتسبات المناطق الحالية وضمان استمرارية مصادر رزق أبنائها. فالتنمية الحقيقية هي التي تستوعب الجميع ولا تهمش أحداً.