أولوية الحياة: بين كرامة الطائر ودمار الإنسان

متابعة : كمال قابل
في عالم يزعم التقدم والتحضر، تتكشف لنا حقائق صادمة تكشف الفجوة العميقة بين الشعارات والواقع. نقف اليوم أمام مشهدين متناقضين؛ أحدهما يُعلي من قيمة الحياة حتى وإن كانت مجرد بيضة، والآخر يستبيح مصائر البشر من أجل مصالح عابرة.
في مكان ما من العالم، تُقرر أمة تأجيل مباراة رياضية تدر الملايين، ليس لأجل كارثة طبيعية، بل من أجل بيضة طائر صغير في عشّه. هنا، تُصبح كرامة الكائن الحي أسمى من أي ربح أو شهرة. هذا الموقف ليس مجرد قرار عابر، بل هو انعكاس لقيم مجتمع يضع الحياة على قمة أولوياته. إنه دليل دامغ على أن الحضارة الحقيقية تُقاس بمدى احترامها لكل روح، لا بمدى قوتها المادية.
وعلى الضفة الأخرى، نشهد تناقضاً صارخاً يدعو للخجل. فبينما يُحتفى بحماية بيضة، تُهدَم منازل وتُشوّه مستقبل عائلات وشباب بالكامل. هنا، لا تتوقف المصالح الفاسدة عند هدم جدران، بل تتجاوزها إلى تدمير الأحلام والأمان. يتساءل المرء بغضب: هل أصبحت قيمة الإنسان أقل من قيمة البيضة؟ هل باتت حقوقنا ومستقبلنا مجرد أوراق تُرمى تحت أقدام الطمع والجشع؟
إن الفرق بين العالمين ليس فرقاً في الثروة أو التقنية، بل هو فرق في جوهر الإنسانية. العالم الأول أدرك أن القوة الحقيقية تكمن في الأخلاق والرحمة، بينما العالم الآخر لم يفهم بعد أن تدمير البشر من أجل الكسب هو الطريق الأكيد نحو الانهيار.
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن المجتمع الذي يُهدم فيه منزل مواطن من أجل مصلحة مسؤول هو مجتمع يعيش في ظلام، حتى وإن أضاءت مصابيحه المدن. إنها معادلة بسيطة: إذا لم تُصن كرامة الإنسان، فلا قيمة لأي شيء آخر.