مجتمع

هل يُعاقب الناجح في الإدارة التربوية؟

 

بقلم : عبد الله رابح

 

في وقت تتعالى فيه الدعوات إلى ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، فوجئ الرأي التربوي بإقليم العيون بقرار إعادة فتح باب الترشيحات لشغل منصب المسؤول الإقليمي للقطاع، رغم الأداء المتميز للمسؤول الحالي السيد بولسان علي، الذي تولى المهمة بصفة مؤقتة، وأثبت كفاءته العالية في تدبير الشأن التربوي محليًا وجهويًا.

القرار، الذي نزل كالمفاجأة على الأطر الإدارية والتربوية، اعتُبر من قبل عدد من المتتبعين “غير مفهوم” و”منفصلًا عن منطق الاستمرارية الإدارية”، في ظل حاجة ماسة إلى تعزيز الثقة داخل المنظومة التربوية، لا زعزعتها.

السيد بولسان، الذي لم يُعيّن بفضل وساطة أو انتماء، بل بتكليف مؤقت، استطاع خلال فترة وجيزة أن يُثبت نفسه كمسؤول ميداني، انخرط بإيجابية في تنفيذ المشاريع الإصلاحية، وتفاعل بفعالية مع التحديات المطروحة، ما جعله محل إشادة من مختلف المتدخلين، بما في ذلك جهات رسمية على رأسها والي الجهة والكاتب العام للوزارة.

وفي تصريح لأحد الفاعلين النقابيين بالإقليم، اعتُبر القرار “تجسيدًا لحالة ارتباك إداري”، لا تخدم لا الاستقرار المؤسساتي ولا جودة الخدمات التربوية، بل تُكرّس الإحباط وسط الأطر، وتُضعف الثقة في جدوى الجهد والمردودية.

تُطرح هنا تساؤلات حارقة: ما الفائدة من المطالبة بالكفاءة، إن كانت لا تُكافأ؟ ولماذا يُعاد تقييم من أثبت نجاحه فعليًا؟ وهل الشكل الإداري أهم من النتائج المحققة ميدانيًا؟

لا أحد يرفض التنافس الشريف، ولا يُعارض الشفافية في التعيين، لكن المفارقة تكمن في إعادة اختبار من نجح بالفعل، وهو ما يبدو أقرب إلى العقوبة الإدارية منه إلى مبدأ التقييم الموضوعي.

لقد بات من الضروري، أمام تحديات الإصلاح التي يعرفها قطاع التربية الوطنية، أن تتم مأسسة ثقافة الاعتراف، وتثبيت الكفاءات بدل تركها في “منطقة الانتظار”. ذلك أن المؤسسات لا تُبنى بالقرارات المرتبكة، بل بالرؤية، والوضوح، وتحفيز الموارد البشرية التي تُشكّل عماد أي إصلاح.

إن استمرار مثل هذه القرارات، التي تبدو متناقضة مع المنطق الإداري السليم، قد يؤدي إلى تكريس نموذج يُحبط المبادرات ويُفرمل الدينامية، بدل أن يُعززها.

فهل آن الأوان لأن تكافئ الإدارةُ الناجحين، بدل أن تُعيد اختبارهم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى