بين المطالب المشروعة والفوضى المدمرة: نداء للتعقل الوطني لإنقاذ المشهد العام

بقلم: سمير الرابحي
أمام المشاهد المؤسفة التي هيمنت على الشوارع مؤخرًا، يعمّ القلق الوطني والأسى البالغ إزاء حالة الفوضى والأعمال التخريبية التي طالت الممتلكات العامة والخاصة على حد سواء. إن إحراق المنشآت الاقتصادية والمركبات والاعتداء على المرافق العامة، لا يمكن بأي مقياس أن يُصنف كـحراك مطلبي واعي أو صرخة سلمية تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية. بل هي ممارسات تُغذّي الفوضى، وتُلحق أضراراً بالغة بالبنية التحتية والمجتمعية التي بُنيت بجهد.
لتفريق بين الحق المشروع والتخريب المرفوض،المطالبة بالحقوق وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية هي حق دستوري ومشروع، لكنها تفقد كل مشروعيتها عندما تتحول إلى تخريب ممنهج وإهانة لسيادة القانون والكرامة الوطنية. إن من يشارك في هذه الأعمال يتجاوز حدود التعبير ليصبح شريكًا في زعزعة الاستقرار.
وفي تحليل الظاهرة، يبدو جليًا أن الافتقار إلى النضج السياسي والخبرة السلمية لدى بعض الفئات المشاركة، لا سيما الشباب (جيل Z)، يجعلها عرضة سهلة للاستغلال والتوجيه. تشير المعطيات إلى وجود أطراف غير مرئية تعمل خلف الكواليس لتأجيج الغضب المشروع حول قضايا حيوية كـالتعليم والصحة، ليس بهدف الإصلاح، بل لتنفيذ أجندات هدّامة هدفها الأساسي هو تقويض الثقة في المؤسسات.
الحرية والمسؤولية: ثوابت لا تقبل التشويه،من منطلق المسؤولية، يجب التأكيد على الرفض المطلق والقاطع لأي شكل من أشكال التعدي على كرامة أي مواطن، سواء كان من المدنيين أو من رجال الأمن الذين يؤدون واجبهم في حماية المجتمع. إن تشويه الوجه الحضاري للبلاد تحت شعارات جوفاء لا يقدم أي خدمة لقيم الحرية والديمقراطية.
إن الحرية الحقيقية والممارسة الديمقراطية السليمة ليست وليدة أعمال الحرق والتدمير؛ بل تُبنى على أسس الحوار، واحترام القانون، والالتزام بالمسؤولية الوطنية.
التعقل والمصلحة العليا: طريق الاستقرار الوحيد في مواجهة هذه التحديات، يصبح الاحتكام الفوري إلى منطق العقل هو الفرض الضروري. إن تغليب المصلحة الوطنية العليا والتمسك بالقيم المشتركة التي يقوم عليها المجتمع المغربي يمثلان المسار الوحيد لترسيخ الأمن والاستقرار، والحفاظ على المسار التنموي الذي تطمح إليه المملكة.
إن اللحظة الراهنة تتطلب منا جميعًا أن نكون على قدر المسؤولية، وأن ننبذ كل ما يهدد وحدتنا وقيمنا.
و يجب علينا بتأييد للمسار التنموي الرائد بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله
منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش المملكة المغربية، شرع المغرب في مسار تحولي شامل يهدف إلى تحقيق التنمية المتقدمة وإرساء أسس مجتمع حديث وعادل. لقد شكّل هذا المسار، الذي يرتكز على رؤية استراتيجية بعيدة المدى، قفزة نوعية في مختلف القطاعات الحيوية، مؤكدًا التزام القيادة الملكية الراسخ بتحقيق رفاهية المواطنين وريادة المملكة إقليميًا ودوليًا.
إصلاحات هيكلية وعمق استراتيجي
شهدت البلاد تحت قيادة جلالته سلسلة إصلاحات هيكلية عميقة لم تقتصر على جانب واحد، بل شملت كل مناحي الحياة الوطنية:
● المجال السياسي والمؤسساتي: تعززت الديمقراطية والحكم الرشيد بتعديل الدستور عام 2011، الذي رسخ مبدأ فصل السلطات، وعزز حقوق وحريات المواطنين، ورفع من مكانة الجهوية المتقدمة كآلية فعالة للتنمية الترابية.
● التنمية البشرية والاجتماعية: تم إطلاق وإنجاز مشاريع اجتماعية ضخمة، أبرزها ورش تعميم الحماية الاجتماعية (التغطية الصحية والتعويضات العائلية)، وهو مشروع ملكي غير مسبوق يهدف إلى بناء الدولة الاجتماعية، وكرامة المواطن المغربي.
● الاقتصاد والبنية التحتية: تحول المغرب إلى قطب اقتصادي إقليمي بفضل الاستثمار المكثف في البنية التحتية المتقدمة (الموانئ، والطرق السيارة، والسكك الحديدية عالية السرعة)، وتشجيع القطاعات الصناعية الواعدة كالطاقة المتجددة وصناعة السيارات، مما جذب استثمارات أجنبية ضخمة وعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.
● التعليم والصحة: تم إطلاق إصلاحات جذرية لتحديث قطاعي التعليم والصحة، لضمان جودة الخدمات وإتاحتها للجميع، باعتبارهما الركيزة الأساسية لأي تنمية مستدامة.
قيادة حكيمة وموقع دولي رائد،إن المسار الذي يقوده جلالة الملك هو مسار يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويوازن بين متطلبات التنمية الداخلية وتحديات الانفتاح الدولي. لقد عززت الدبلوماسية الملكية موقع المغرب كشريك موثوق به وفاعل أساسي في قضايا الأمن والسلم الإقليمي والدولي، خاصة في إفريقيا.
إن هذا التأييد للمسار الملكي ينبع من الإيمان الراسخ بأن القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة هي الضامن لاستمرار الاستقرار، وتحقيق التقدم، والعبور بالمغرب إلى مصاف الدول الصاعدة، في ظل الشعار الخالد الذي يوحد الأمة:
الله ـ الوطن ـ الملك