الفنان مولاي عبد الله اليعقوبي… شاعر اللون يفتتح مهرجان خريبكة الدولي الوثائقي

خريبكة: سعيد العيدي
في إطار الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، الذي ستنظم فعالياته من 11 إلى 14 دجنبر 2025، يفتتح المهرجان برنامجه هذا العام بمعرض تشكيلي فردي للفنان مولاي عبد الله اليعقوبي.

ضيف شرف الدورة وجه تشكيلي مغربي جال بلوحاته عبر مدن الوطن وخارجه، محققاً حضورا فنياً متميزاً ومراكماً جوائز عدة، إحداها ذات صبغة أكاديمية فرنسية. تجربة فنية خاصة، صقلها الفنان عبر مسار من البحث والتأمل، حتى صار ضمن النادرين الذين خطّوا لأنفسهم أسلوباً بصمتهم الخاصة.
من يتأمل أعمال اليعقوبي يلمح عناصر تتردد بنبرة شبه طقسية: البحر، المظلة، والجسد الأنثوي. عناصر تبدو كأنها علامات من “لغة” سرية، تستدرج القارئ نحو أسئلة التأويل. وهذه الأسئلة، بطبيعتها، تستدعي مقاربات تستأنس بالسيميائيات والسوسيولوجيا وسيكولوجيا الصورة، بل وتغتسل أيضاً في ينابيع الروح وشفافية التجارب الصوفية، حتى نقترب من عالمه كما يقترب المرء من ضوء بعيدٍ يُرى ولا يُمسّ.

حضور الجسد الأنثوي في أعماله ليس حضوراً مادياً صرفاً؛ إنه حضور يوازي الغياب، ويحوّل الجسد إلى طاقة، إلى نفس، إلى أثر يفتح باباً نحو قراءة الروح لا المادة. بهذا البعد الجواني، تتخذ الأجساد في لوحاته تمايلاً يذكّر المتلقي بأنه ليس مجرد مشاهد، بل “مستضاف” في فضاء جمالي يتهادى فيه، ويخوض تجربة تطهير بصري ترفع النظر من سطح الجسد إلى عمقه الإنساني وبهائه الداخلي. وهنا تُستحضر أصداءٌ من روحانية بعض التجارب الصوفية التي ترى في الجمال، وفي المرأة بخاصة، جسراً نحو الصفاء.
بهذا المعنى، يمكن وصف اليعقوبي بـ”شاعر اللون والجسد”. شاعر يكتب بالفرشاة لا بالكلمات، ويطلق على سطح اللوحة أجساداً أنثوية تستدرج المتلقي إلى حوار داخلي: مرحلة أولى يلتذّ فيها ببساطة المتعة البصرية، ثم مرحلة ثانية يبدأ فيها التمايل الداخلي الملتقط من تمايل الجسد التشكيلي، ثم مرحلة ثالثة يتماهى فيها المشاهد مع الكائنات المرسومة، كأنها تعبر نحوه ليكتمل فعل الفن: الجمال والحلم.
مولاي عبد الله اليعقوبي، ابن مدينة فاس (1950)، عاش محطات وطنية عديدة، استلهم بعضها في أعماله، وظل يصغي لما يعتمل في الوطن عبر لغة لونية شفافة. ومن بين أعماله البارزة، لوحته المعنونة بـ”الربيع العربي”، التي تختصر رؤيته للعالم ولذاته وللآخر.
وسيُقصّ شريط الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة بهذا المعرض، يوم 11 دجنبر بالخزانة الوسائطية التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط على الساعة الخامسة مساءً. وقد اعتبر الفنان هذا المعرض هدية رمزية لساكنة مدينة العامريات(خريبكة)، التي كانت دائماً جزءاً من ذاكرة الوطن الممتدة من طنجة إلى الكويرة، وذلك تحت الرعاية المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.




