مجتمع

الفن الأمازيغي… إنتاج غزير وصراعات فارغة: من يوجّه البوصلة؟

 

متابعة: عابد أموسى

 

يعيش الفن الأمازيغي خلال السنوات الأخيرة حالة من الحركية اللافتة، تجسدت في ارتفاع منسوب الإنتاجات الفنية وتوسع رقعة الوجوه الجديدة الوافدة على الساحة، سواء في مجالات الغناء أو الكوميديا أو صناعة المحتوى الرقمي. غير أن هذا الزخم الكمي لم يرافقه تحسن مماثل في جودة ما يُقدَّم، ما جعل عدداً من المتابعين يطرحون أسئلة حارقة حول مستقبل الفن الأمازيغي وموقعه في المشهد الثقافي الوطني.

 

زخم إنتاجي… دون مضمون

رغم توفر التكنولوجيا وسهولة التسجيل والتوزيع، لا تزال العديد من الأعمال الأمازيغية تُنتَج بدون رؤية فنية واضحة. كلمات سطحية، ألحان متكررة، وتوزيع موسيقي محدود الإمكانيات، كلها عوامل تجعل نسبة كبيرة من الأعمال تمرّ مرور الكرام دون أن تترك أثراً فنياً أو ثقافياً. ويرى نقاد أن هذا “التكدس الفني” يساهم تدريجياً في تمييع الهوية الفنية الأمازيغية بدل تطويرها.

 

صراعات مواقع التواصل… صورة مقلقة

إلى جانب غياب الجودة، تشهد مواقع التواصل الاجتماعي موجة غير مسبوقة من الخلافات بين بعض الفنانين الأمازيغ، وصلت في حالات عديدة إلى التراشق بالكلام والاتهامات المتبادلة. هذه السلوكيات ـ التي تحظى بمتابعة واسعة ـ تقدم صورة غير مهنية وتعكس غياب تنظيم مؤسساتي قادر على تأطير الفنانين وحمايتهم من الانزلاق نحو “الشهرة السهلة”.

 

ويؤكد متابعون أن الجمهور أصبح يتحدث عن الخلافات أكثر مما يتحدث عن الأعمال الفنية نفسها، وهو مؤشر سلبي يهدد سمعة الفن الأمازيغي ووزنه الثقافي.

 

أي رسالة يريد الفن الأمازيغي إيصالها؟

أمام هذا الوضع، تتعالى أصوات تطالب بإعادة ضبط البوصلة. فالفن الأمازيغي يحمل إرثاً حضارياً يمتد لآلاف السنين، ومن واجبه أن يقدم رسائل تليق بقيمة الهوية الأمازيغية:

 

رسالة فنية: جودة أعلى، احترام للهوية، ودمج الحداثة بالأصالة.

 

رسالة مهنية: تخليق الممارسة الفنية، محاربة الإساءة، وتعزيز ثقافة التعاون بدل الصراع.

 

رسالة اجتماعية: تقديم فن يرفع الذوق العام، ويحمل قيم الجمال والإنسانية، ويعالج قضايا المجتمع بلغة راقية ومسؤولة.

 

إلى أين يتجه المشهد؟

رغم الإشكالات المطروحة، يتفق مهتمون أن الفن الأمازيغي ما يزال يملك طاقات واعدة، شريطة توفر دعم مؤسساتي، وتأطير أكاديمي، ورغبة حقيقية لدى الفنانين في الارتقاء بمستوى إنتاجاتهم. فالجمهور – كما يقول المتابعون – لم يعد يكتفي بالكثرة؛ بل يريد أعمالاً محترفة تشبه هويته وتطلعاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى