مجتمع

شيشاوة… موقع استراتيجي خارج معادلة التنمية: مدينة تعيش بالسرعة الثانية إلى متى؟

 

متابعة : عابد أموسى

 

رغم الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تحتله مدينة شيشاوة، باعتبارها حلقة وصل محورية بين مراكش وسوس وآسفي، ما تزال المدينة تعيش على إيقاع بطيء لا يوازي حجم مؤهلاتها ولا انتظارات ساكنتها. وضعٌ يختزل بدقة ما سبق أن نبه إليه عاهل البلاد في أكثر من مناسبة، حين تحدث عن مغرب يسير بسرعتين: سرعة أولى لمدن قطعت أشواطاً في التنمية، وأخرى لمدن ما تزال تراوح مكانها خارج دينامية الإقلاع الحقيقي.

 

شيشاوة، بإقليمها الفلاحي بامتياز، تزخر بإمكانات طبيعية وبشرية مهمة، وتتوفر على موقع يؤهلها لتكون قطباً اقتصادياً جهوياً، غير أن الواقع اليومي يعكس صورة مغايرة؛ بنية تحتية هشة، خصاص واضح في المرافق الصحية والتعليمية، ضعف في الاستثمارات، وغياب مشاريع مهيكلة قادرة على امتصاص البطالة وخلق فرص الشغل، خصوصاً في صفوف الشباب.

 

وتزداد حدة المفارقة حين تُقارن شيشاوة بمدن أخرى استفادت من برامج تنموية متقدمة، في وقت لا تزال فيه مشاريع حيوية بالمدينة حبيسة الرفوف أو رهينة بطء المساطر وسوء التدبير. طرق مهترئة، أحياء تعاني التهميش، ومناطق قروية تابعة للإقليم ما تزال تكافح من أجل أبسط شروط العيش الكريم، في تناقض صارخ مع الخطاب الرسمي حول العدالة المجالية وتقليص الفوارق الترابية.

 

ويرى متتبعون للشأن المحلي أن جزءاً كبيراً من هذا التعثر تتحمل مسؤوليته النخب المنتخبة المتعاقبة، التي فشلت في تحويل الموقع الاستراتيجي للمدينة إلى رافعة تنموية حقيقية، سواء بسبب ضعف الرؤية، أو غياب الترافع الجاد عن قضايا الإقليم، أو الارتهان لحسابات سياسية ضيقة لا تخدم المصلحة العامة.

 

وفي ظل التوجيهات الملكية الصارمة الداعية إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتسريع وتيرة التنمية بالمناطق المهمشة، يطرح الشارع الشيشاوي سؤالاً مشروعاً: إلى متى ستظل شيشاوة تعيش خارج زمن التنمية؟ ومتى تنتقل من مدينة تعبرها المشاريع إلى مدينة تستفيد منها؟

 

أسئلة تبقى مفتوحة، في انتظار إرادة حقيقية قادرة على كسر منطق “السرعة الثانية”، ووضع شيشاوة في المكان الذي يليق بها ضمن خريطة التنمية الوطنية، ليس بالشعارات، بل بأفعال ملموسة تلامس حياة المواطن وتستجيب لانتظاراته المشروعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى