أخبار وطنية

منع صيد الحبار جنوب سيدي الغازي خلال فترة الراحة البيولوجية للأخطبوط: تدبير علمي مؤقت لحماية مخزون مهدد بالانقراض.

متابعة : رحال الأنصاري 

أعلنت السلطات المختصة في قطاع الصيد البحري عن قرار منع صيد الحبار جنوب سيدي الغازي خلال فترة الراحة البيولوجية المخصصة للأخطبوط في إجراء استباقي يروم الحفاظ على التوازن البيئي وضمان استدامة هذا المورد البحري الحيوي الذي يعرف تراجعاً مقلقاً في وفرة المخزون.

ويأتي هذا القرار بناءً على توصيات صادرة عن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري والذي أشار من خلال دراسات علمية ميدانية دقيقة إلى أن فترة مارس – يونيو تمثل المرحلة الأساسية لتوالد الحبار على طول الساحل الأطلسي الجنوبي، خاصة بين طانطان وبوجدور، حيث يتركز المخزون الرئيسي لهذا النوع في مناطق قاعية ذات طبيعة رملية أو طينية على أعماق تتراوح بين 20 و100 متر.

أهمية بيولوجية ومؤشرات مقلقة

الحبار يعتبر نوعاً بحرياً حساساً من حيث الدورة الحياتية حيث تتوالد معظم الأفراد مرة واحدة قبل أن تموت. وتمتد دورة حياة الحبار من سنة إلى سنتين، ويحدث التبييض في فصل الربيع، تحديداً بين مارس ويونيو، حيث تهاجر الأفراد الكبيرة من الأعماق إلى المياه الضحلة بهدف التزاوج ووضع البيض.

وقد لوحظ خلال تجارب صيد الأخطبوط باستعمال الأقدار الفخارية جنوب سيدي الغازي التصاق عناقيد بيض الحبار بخيوط الأقدار، ما يؤكد أن هذه الفترة هي الزمن البيولوجي الحرج للتكاثر. وبيّنت تحاليل المعهد أن الأفراد الناضجة والجاهزة للتوالد تهيمن على المفرغات خلال هذه الفترة، ما يجعل استمرار الصيد تهديداً مباشراً للتفريخ الطبيعي ولبقاء الأنواع.

ضغط الصيد وتراجع المؤشرات

رغم أهمية الحبار الاقتصادية وكونه يشكل ما نسبته 35% من مصايد الرخويات في الجنوب خلال العقد الماضي، فقد عرفت الكميات المصطادة من هذا النوع ارتفاعاً حاداً بنسبة 81% بين سنتي 2022 و2023، وذلك نتيجة تكثيف مجهودات الصيد التجاري والاستهداف المباشر لأفراد الحبار خلال فترات حرجة من حياتها.

هذا الارتفاع الكبير في الاستغلال تسبب في انخفاض مؤشرات الوفرة حسب نتائج البحوث الميدانية للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، حيث سجل تراجع حاد في كثافة المصيد مقارنة بالسنوات السابقة، ما ينبئ بوضعية بيئية حرجة تهدد استمرارية المخزون.

قرار بيئي مدروس وخطوة نحو التدبير المستدام

يرى خبراء المعهد أن قرار منع صيد الحبار خلال فترة الراحة البيولوجية للأخطبوط لا يهدف فقط إلى حماية الحبار في حد ذاته، بل يعتبر تدبيراً بيئياً انتقالياً لتخفيف الضغط على المصايد إلى حين وضع خطة وطنية شاملة لتدبير جميع أنواع الرخويات بشكل متكامل.

وتنبني هذه المقاربة على اعتماد تدابير احترازية تستند إلى المعطيات العلمية البيولوجية، وتضع في الاعتبار التغيرات المناخية والتقلبات الموسمية التي تؤثر على دينامية الموارد البحرية. كما يُتوقع أن يُساهم هذا القرار في تقليص معدلات نفوق الأفراد خلال التبييض، بما يسمح باستعادة التوازن الطبيعي للمخزون خلال الدورات البيولوجية المقبلة.

إن قرار منع صيد الحبار جنوب سيدي الغازي خلال الراحة البيولوجية للأخطبوط يجسد وعياً متزايداً بضرورة حماية الثروات البحرية عبر تدخلات علمية دقيقة واستباقية. ويأمل الفاعلون في قطاع الصيد البحري والمهتمون بالبيئة أن يُشكل هذا القرار بداية لمسار أوسع في سبيل إرساء حكامة بيئية مستدامة تحفظ الموارد للأجيال القادمة وتدعم الاقتصاد الأزرق الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى