النفاق الاجتماعي ونكران الخير والكذب على الناس

بقلم : عبد الله رابح
تُعد الأخلاق من أهم ركائز المجتمعات السليمة، فهي التي تبني جسور الثقة بين الأفراد، وتُسهم في خلق بيئة يسودها الاحترام والتقدير. غير أن بعض الظواهر السلبية بدأت تتغلغل في حياتنا اليومية، أبرزها النفاق الاجتماعي، نكران الخير، والكذب، وهي سلوكيات تهدم القيم الإنسانية وتُضعف الروابط الاجتماعية.
النفاق الاجتماعي هو أن يُظهر الإنسان للناس وجهًا مزيفًا من الطيبة أو المحبة أو الاحترام، بينما يُخفي في داخله مشاعر الحسد أو الكراهية أو الاستعلاء. ينتشر هذا النوع من السلوك في العلاقات اليومية، حيث يتعامل البعض مع الآخرين بمجاملة مصطنعة أو مدح غير صادق فقط لأهداف شخصية.
هذا النفاق يجعل الثقة بين الناس تنهار، ويُعزز ثقافة الرياء بدلًا من الصدق والشفافية. فالمجتمع الذي تنتشر فيه المجاملات الكاذبة والمظاهر الخادعة، هو مجتمع هش، يخلو من العلاقات الحقيقية والصادقة.
من المؤسف أن يُقابل الإحسان بالنسيان، أو أن يتحول المعروف إلى عبء في نظر من قُدم إليه. نكران الخير من أقسى صور الجحود، فهو يدل على قسوة القلب وعدم الاعتراف بفضل الآخرين. كم من أشخاص ضحّوا بوقتهم وجهدهم وقدموا الدعم والمساعدة، ثم قوبلوا بالتجاهل أو حتى بالإساءة من الذين أحسنوا إليهم.
هذا السلوك لا يُفسد العلاقة بين الناس فحسب، بل يقتل في النفوس روح المبادرة لفعل الخير، ويُشجع الأنانية واللامبالاة، ما يؤدي إلى تراجع قيم التكافل والتضامن في المجتمع.
أما الكذب، فهو أصل لكثير من الشرور والفساد. حين يكذب الإنسان على الآخرين، فهو لا يخدعهم فقط، بل يُدمر الثقة، ويزرع الشك والريبة في النفوس. الكذب قد يبدو طريقًا سهلًا لتجنب المشاكل أو للحصول على مصالح، لكنه دائمًا يقود إلى عواقب وخيمة، ويفضح صاحبه مهما طال الزمن.
المجتمع الذي يُسامح الكاذبين أو يُكافئهم بالصمت هو مجتمع يُساهم في نشر الفساد، ويُربي أجيالًا لا ترى في الصدق قيمة، بل ضعفا .
إن النفاق، ونكران الجميل، والكذب، ليست مجرد تصرفات فردية، بل هي ظواهر تهدد تماسك المجتمع وتُضعف قيمه. علينا أن نُعيد الاعتبار للأخلاق في تعاملاتنا، وأن نُربي أبناءنا على الصدق، والوفاء، والاعتراف بفضل الآخرين.
فبناء مجتمع قوي لا يكون فقط بالاقتصاد أو التعليم، بل بالأخلاق أولًا، فهي التي تُشكّل الضمير الجماعي، وتُحدد ملامح العلاقات بين أفراده.