الموسم الدراسي: حين يتحول العلم إلى تجارة وجشع

متابعة : كمال قابل
مع كل إشراقة شمس في مطلع الموسم الدراسي، تتجدد الآمال في قلوب الأهل والأبناء. يتطلع الطلاب إلى بداية رحلة جديدة من التعلم والمعرفة، ويحلم الآباء بمستقبل أفضل لأبنائهم. لكن، وسط هذا الأمل، يتربص كابوس سنوي يحمل اسم جشع المكتبات.
فما إن يبدأ العد التنازلي لفتح المدارس، حتى يجد المواطن البسيط نفسه في مواجهة حقيقية مع أسعار الكتب والمستلزمات الدراسية التي تشتعل دون أي مبرر. يستغل باعة الكتب والمكتبات هذا الموسم بأبشع الطرق، محولين الكتب من أداة للعلم إلى سلعة باهظة تُثقل كاهل الأسر.
إن استغلال حاجة الأهل الماسة لتوفير الكتب لأبنائهم هو عمل يفتقر إلى أبسط معايير الإنسانية. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وغلاء المعيشة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، يأتي موسم الدراسة ليزيد الطين بلة، ويضع عبئًا إضافيًا على كاهل رب الأسرة الذي يكافح لتوفير لقمة العيش.
إننا نتساءل: كيف يمكن لمكتبة، يفترض أن تكون منارة للعلم، أن تتحول إلى مكان يمارس فيه الاستغلال الصريح؟ كيف يمكن لمادة تعليمية أن تُباع بأضعاف ثمنها الحقيقي؟ هذا الجشع لا يقتصر فقط على بيع الكتب المدرسية، بل يمتد ليشمل الأدوات المكتبية، الحقائب المدرسية، وكل ما يلزم الطالب، وكأن الموسم الدراسي أصبح فرصة ذهبية للتربح على حساب مستقبل أجيالنا.
إن ما يحدث في هذا الموسم يشبه ما يحدث في الأعياد والمناسبات الأخرى، حيث يستغل بعض التجار المناسبة لرفع الأسعار بشكل جنوني. لكن الفرق هنا أن الأمر يتعلق بالتعليم، وهو حق أساسي لكل طفل. عندما يصبح الحصول على العلم أمرًا مرهونًا بالقدرة المالية، فإننا بذلك نخلق فجوة كبيرة ونقضي على مبدأ تكافؤ الفرص.
الموسم الدراسي يجب أن يكون بادرة خير، بداية جديدة تُشجع على التعلم والتطور، لا أن يكون كابوسًا مرعبًا يلاحق الآباء ويجعلهم يخشون قدومه. إن غلاء الكتب ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل هو أزمة أخلاقية تعكس انعدام الضمير لدى من يرى في العلم وسيلة للثراء الفاحش.
لذا، يجب على الجهات المعنية أن تتدخل لوضع حد لهذا الجشع، وأن تُنظم سوق الكتب المدرسية لضمان أن يكون العلم متاحًا للجميع، دون أن يكون عبئًا يهدد استقرار الأسر. فالعلم حق وليس سلعة للبيع والشراء.