مجتمع

تحت عباءة الراعي: قطاع الإبل بين التهديدات الأمنية وغياب القانون

​متابعة  : كمال قابل

 

تعتبر الأقاليم الجنوبية للمغرب، بفضل شساعة أراضيها الصحراوية، مرتعًا خصبًا لتربية الماشية وخاصة الإبل، التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والاقتصادية للمنطقة. ومع ذلك، يواجه قطاع الرعي التقليدي، وعلى رأسه رعي الإبل، تحديات كبيرة ومشاكل هيكلية عميقة، مما يلقي بظلاله على العاملين فيه وعلى ملاك الثروة الحيوانية على حد سواء.

​احتكار المهنة وتهديدات أمنية

​من أبرز المشاكل التي تواجه هذا القطاع هي احتكار المهنة من طرف العمالة الأجنبية، وبالأخص من دولة موريتانيا الشقيقة. لقد أصبح ما يقارب 70% ممن يمارسون هذه المهنة في المغرب من الجنسية الموريتانية، وهو ما يخلق نوعًا من الاحتكار ويحد من تكافؤ الفرص أمام الشباب المغربي من أبناء المنطقة.

​هذا الوضع يفتح الباب أمام استغلال هذه المهنة من قبل أشخاص خارجين عن القانون، بمن فيهم المجرمون والمطلوبون للعدالة، الذين يتخذون من مهنة الرعي ستارًا للاختباء بعيدًا عن أعين السلطات الأمنية. يشكل هذا الخطر تهديدًا مباشرًا لأصحاب الماشية، الذين قد يجدون أنفسهم في مواجهة أشخاص مجهولي الهوية والنوايا، مما يزيد من احتمالية وقوع حوادث السرقة أو غيرها من الجرائم.

​انتهاكات لحقوق الرعاة والعنف المتزايد

​لا تقتصر المشاكل على الجانب الأمني فحسب، بل تمتد لتشمل انتهاكات متكررة لحقوق الرعاة أنفسهم. ففي ظل غياب القوانين المنظمة للعلاقة بين الراعي وصاحب الماشية، يتعرض الكثير من الرعاة للاستغلال. تتضمن هذه الانتهاكات عدم دفع الأجور الشهرية في مواعيدها، أو عدم دفعها على الإطلاق، بالإضافة إلى التعرض للعنف الجسدي والاعتداءات اللفظية من قبل بعض ملاك المواشي. هذا الوضع يجعل الراعي عرضة للظلم دون وجود أي سند قانوني يحميه.

​غياب الحماية الاجتماعية والصحية

​يزداد الوضع سوءًا مع الحرمان من أبسط حقوق الحماية الاجتماعية والصحية. فالرعاة في الأقاليم الجنوبية، بحكم طبيعة عملهم الذي يتطلب تنقلات مستمرة في مناطق نائية، لا يستفيدون من التغطية الصحية، مما يجعلهم عرضة للمخاطر الصحية دون أي ضمانات علاجية.

​إن هذه المشاكل المتراكمة في قطاع رعي الإبل تتطلب تدخلًا عاجلاً من السلطات المعنية. لا يمكن الاستمرار في تجاهل وضع هذا القطاع الحيوي الذي يحتاج إلى تقنين وتأطير حتى يحافظ على كرامة الراعي، وعلى سلامة صاحب المواشي، ولخلق فرص عمل للشباب في وطنهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى