مجتمع

الصحة بين مطلب الإصلاح ورهان الإستقرار

 

بقلم: الدكتور جمال العزيز

 

شهد المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير وقفة احتجاجية أثارت نقاشا واسعا حول واقع المنظومة الصحية بالمغرب. وإذا كان الإحتجاج السلمي حقا دستوريا لا جدال فيه، فإن توقيت الوقفة وطبيعة الشعارات المرفوعة يضعاننا أمام معادلة معقدة: كيف نضمن الحق في المطالبة بالإصلاح دون أن يتحول الأمر إلى مساس بأمن المجتمع وثقة المواطنين في المؤسسات؟

المسؤوليات المتعددة الأبعاد:

القضية الصحية ليست مجرد مشكل تقني أو إداري، بل هي تقاطع لمسؤوليات متشابكة:

سياسيا: على الحكومة والمنتخبين صياغة سياسات صحية عادلة ومستجيبة لتطلعات المواطنين.

إداريا: ضرورة ترشيد الموارد وتحسين الحكامة داخل المؤسسات الصحية.

مهنيا: مختلف المتدخلين في المنظومة الصحية، من أطباء وممرضين وتقنيين وإداريين وعاملين، مدعوون إلى تعزيز قيم المسؤولية المهنية وروح الخدمة العمومية، رغم محدودية الإمكانيات والتحديات القائمة.

مدنيا: الإعلام والمجتمع المدني مدعوان لممارسة النقد البناء بعيدا عن التهويل والتحريض.

 

بين الحق المشروع ونشر الهلع:

المبالغة في تصوير الإختلالات ونشر صور ومقاطع دون سياق لا يخدم سوى زرع الخوف والشك في نفوس مرتادي المستشفيات العمومية. إن المطلوب ليس تغذية الإحباط، بل تحفيز الإصلاح عبر تشخيص موضوعي وتقديم حلول واقعية.

 

من المطالب الإجتماعية إلى محاولات التوظيف السياسي:

الحق في الصحة والتعليم والشغل مطالب مشروعة ومرتكزات أساسية للعقد الاجتماعي الجديد. غير أن الخطورة تكمن في محاولات بعض الأطراف تسييس الإحتجاجات وتحويلها إلى أدوات لخدمة أجندات خاصة أو للمزايدة السياسية. وهنا يصبح التمييز ضروريا بين من يناضل بصدق من أجل الحقوق الإجتماعية، ومن يسعى إلى الإستثمار في الغضب الشعبي لحسابات ضيقة.

إن وقفة أكادير ليست سوى مرآة لتحد وطني أوسع: كيف نوازن بين مطلب الإصلاح وواجب الإستقرار؟

الجواب يكمن في بناء ثقة جديدة بين الدولة والمجتمع، تقوم على ثلاثية: الحق في الإحتجاج، والواجب في الإصلاح، والمسؤولية في حماية المصلحة الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى