المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها: وحدة لا تقبل المساومة

بقلم : رابح عبد الله
منذ قرون، ظلت الصحراء المغربية جزءًا لا يتجزأ من هوية المملكة المغربية، تربطها روابط البيعة، والدين، والتاريخ، والإنسان. عبارة “المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها” ليست مجرد شعار، بل هي تجسيد لعقيدة وطنية راسخة في وجدان المغاربة، ملكًا وشعبًا، تعبّر عن وحدة الأرض والروح والمصير.
الوثائق التاريخية والبيعات الشرعية التي قدّمها أعيان وشيوخ القبائل الصحراوية للسلاطين المغاربة عبر العصور، تؤكد أن الرابط بين الصحراء والمغرب لم يكن وليد اليوم، بل هو امتداد طبيعي لوحدة ترابية تعود إلى قرون من الزمن.
كما أن ملاحم التحرير، من معركة وادي الذهب إلى المسيرة الخضراء سنة 1975، شكّلت محطة مفصلية في تأكيد مغربية الصحراء، حين لبّى أكثر من 350 ألف مغربي نداء الملك الراحل الحسن الثاني، حاملين المصحف والعلم الوطني في مسيرة سلمية خالدة أعادت الصحراء إلى حضن الوطن.
لم يتغيّر الموقف المغربي قيد أنملة تجاه قضيته الوطنية الأولى. فالملك محمد السادس نصره الله وأيده أكّد في أكثر من مناسبة أن قضية الصحراء هي مرآة الوطنية المغربية، وأن لا تفاوض حول مغربية الصحراء، بل فقط حول سبل إنهاء النزاع المفتعل في إطار الحكم الذاتي الذي تقدّمه المملكة كحلّ واقعي وذي مصداقية، يحظى بتأييد متزايد على الصعيدين الإقليمي والدولي.
لم تكتفِ الدولة المغربية بالدفاع عن صحرائها من الناحية السياسية فحسب، بل جعلت من الأقاليم الجنوبية نموذجًا للتنمية والنهضة. مشاريع كبرى في البنية التحتية، والطاقات المتجددة، والتعليم، والاستثمار، جعلت من مدن العيون والداخلة وجهتين واعدتين في إفريقيا، ورافعتين أساسيتين للتكامل الاقتصادي بين شمال المملكة وجنوبها.
إن وحدة المغرب من طنجة إلى الكويرة ليست مجرد خريطة على الورق، بل هي عهد وميثاق بين أجيال من المغاربة الذين آمنوا بأن الوطن كلٌّ لا يتجزأ.
وستظل الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.




