مجتمع

تيزنيت : بين حجب الوثائق وتضارب المعايير… كيف مُرِّرت الزيادة الصاروخية على أراضي تيزنيت؟

 

متابعة : عابد أموسى

 

في مساء يوم 26 نونبر 2025، خرج المجلس الجماعي لمدينة تيزنيت بقرارٍ أثار ضجة واسعة: رفع الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية بنسبة تصل إلى 600%.

القرار بدا صادمًا للساكنة، لكنّ تفاصيل تمريره داخل أروقة المجلس جعلت منه أكثر من مجرد تعديل جبائي… بل تحوّل إلى قضية رأي عام تُطرح حولها أسئلة كثيرة:

ما الذي حدث داخل لجنة المالية؟ لماذا مُنعت الوثائق؟ هل فعلاً جرى تصنيف الأحياء وفق معايير تقنية؟ وما هي الخلفيات التي تحرّك هذا القرار؟

هذا التحقيق يستعرض الوقائع والملابسات، وفق شهادات ووثائق وتصريحات حصلنا عليها من داخل المجلس.

أولاً: سياق عام مُحمّل بالضبابية

 

وصل مشروع تعديل القرار الجبائي رقم 09/2008 إلى الدورة الاستثنائية للمجلس في ظلّ صمت رسمي وغياب أي تواصل مع الساكنة أو المتدخلين الاقتصاديين.

ورغم الأثر المالي الضخم للقرار على مئات من المالكين والمستثمرين، لم تُعلن الجماعة عن أي دراسة اقتصادية أو اجتماعية تُبرّر الرفع الصاروخي.

 

مصادر من داخل المجلس أكدت أنّ النقطة مرّت في إطار “تكتم غير مفهوم”، فيما وصفه أعضاء من المعارضة بـ”التسرّع المقصود”.

 

ثانيًا: لجنة المالية… “الوثائق المحجوبة”

 

التحقيق يقود إلى واحدة من أكثر النقاط إثارة:

أعضاء اللجنة لم يتوصلوا بأي وثيقة قانونية ضرورية.

 

الوثائق المحجوبة تشمل:

 

خرائط تصنيف المناطق

 

الإحداثيات والحدود

 

معايير التوزيع بين المناطق الثلاث

 

البيانات التقنية المعتمدة

 

أي مستند يبرر التسعيرات

 

وبحسب أعضاء من المعارضة الاتحادية، فإن الرئيس أصدر أوامر تنفيذية بعدم تمكين أي عضو من الوثائق، في خرق مباشر للمادة 28 من القانون التنظيمي 113.14، التي تُلزم الإدارة بتمكين اللجان من كل البيانات اللازمة للبتّ في الملفات.

هل هو خطأ إداري… أم استراتيجية سياسية؟

 

مصادر داخل المجلس تحدثت عن “ممارسة ممنهجة لحجب النقاش”، بهدف تمرير القرار دون نقاش قبلي يسمح بكشف الثغرات في التصنيف.

 

ثالثًا: التصويت… بين الانسحابات والتحفظات

 

تم تمرير القرار بـ:

 

11 صوتًا من الأغلبية

 

4 أصوات رافضة من المعارضة

 

انسحابات من أعضاء بالأغلبية تفادوا إحراج التصويت

 

هذه الانسحابات، وفق تحليل المعارضة، كانت جزءًا من “ترتيبات داخلية” لتخفيف الضغط عن بعض المنتخبين الذين يخشون ردود فعل ناخبيهم.

 

تصويت الأغلبية رغم غياب الرئيس يطرح سؤالًا إضافيًا:

هل كانت الأغلبية متيقنة من سلامة القرار… أم مُجبرة على تمريره؟

 

رابعًا: قلب الإشكال… “التصنيف على المقاس”

 

أخطر جزء في الملف يتعلق بتصنيف أحياء المدينة ضمن:

مناطق مجهزة

 

مناطق متوسطة التجهيز

 

مناطق ضعيفة التجهيز

 

لكن مصادر من داخل المجلس أكدت:

 

عدم وجود معايير واضحة اعتمدتها الإدارة

 

عدم إجراء أي معاينات ميدانية

 

إدراج أحياء هشّة ضمن “المجهزة” رغم افتقارها لأبسط التجهيزات

 

اختلاف معايير التصنيف عن المنطق العمراني المتعارف عليه

 

لماذا وُضعت بعض الأحياء في أعلى تسعيرة رغم ضعف البنية التحتية؟

 

هنا تظهر واحدة من “النقاط الرمادية” التي تثير الكثير من التساؤلات، خصوصًا في ظل انعدام أي تبرير رسمي.

 

خامسًا: الأثر الاجتماعي… قرار لا يرى الساكنة

 

رفع الضريبة بنسبة 600% يتم في لحظة يعيش فيها المواطنون:

 

ارتفاع أسعار العقار

 

ضعف القدرة الشرائية

 

ركود سوق البناء

 

قلة فرص الاستثمار المحلي

 

ويرى مراقبون أن القرار يضرب مباشرة في:

 

الطبقة المتوسطة

 

أصحاب البقع الصغيرة

 

المستثمرين المحليين الشباب

 

فيما اعتبرته المعارضة “تراجعًا عن روح الدولة الاجتماعية” التي تؤكد على مراعاة الفئات الهشة في السياسات الجبائية.

 

سادسًا: مقترحات المعارضة… البديل الذي رفضته الأغلبية

 

المعارضة الاتحادية قدمت مقترحًا يقوم على:

 

تقسيم ثنائي عِوَض ثلاثة:

 

نصف مجهزة: 5 دراهم

 

ضعيفة التجهيز: 0,5 درهم

 

إحداث لجان تقنية للمعاينات الميدانية

 

التصنيف وفق شبكات الماء والكهرباء والتطهير والألياف

 

ربط الضريبة بـ الوضع الحقيقي للبقع وليس بما هو مكتوب على الورق

 

مقترح وُصف بأنه “الأكثر عدالة ووضوحًا”، لكن الأغلبية رفضته دون تقديم بدائل.

 

سابعًا: إلى أين؟… ملف مفتوح على أسئلة جوهرية

 

بالعودة إلى كل المعطيات التي يكشفها التحقيق، تبرز عدة أسئلة مركزية لم يُجَب عنها بعد:

 

1. لماذا مُنعت الوثائق من الوصول إلى أعضاء لجنة المالية؟

2. ما هي الجهات التي استفادت من التصنيف الجديد؟

3. لماذا رُفضت المعاينات الميدانية رغم أهميتها؟

4. هل فعلاً يتناسب تصنيف “مناطق مجهزة” مع الواقع؟

5. هل تم تقييم أثر القرار على الساكنة قبل اعتماده؟

 

إلى حين تقديم أجوبة واضحة، يظل ملف الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية واحدًا من أكثر الملفات غموضًا وجدلاً في تاريخ تدبير الشأن المحلي بتيزنيت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى