الذكرى 68 لتأسيس القوات المسلحة الملكية
تحل اليوم الذكرى 68 لتأسيس القوات المسلحة الملكية، على يد المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، وولي عهده آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، طيب الله ثراهما. فقد زف رحمه الله، نبأ تأسيسها في خطابه المؤرخ في يوم 12 مايو 1956م، حيث جاء فيه : ” في يوم هذا العيد المبارك، الذي هو أول عيد تلوح بشائره على المغرب المستقل، يسرنا أن نثلج صدرك بنبأ تأسيس جيش وطني، تشرف عليه قيادة مغربية صرفة، تعمل تحت أمرنا، وترسم له خططه وأهدافه”.
وتغتنم مديرية التاريخ العسكري لأركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، هذه المناسبة المجيدة لتسليط الضوء على العناية الملكية السامية التي ما فتئت تحظى بها هذه القوات منذ تأسيسها إلى اليوم.
لقد شكل الاستعراض الأول الذي جرى بمدينة الرباط، يوم 14 مايو 1956، بداية حقيقية لتأسيس القوات المسلحة الملكية، بشقها للطريق نحو تحقيق الأهداف النبيلة والمهام السامية التي جبل عليها الجيش المغربي عبر التاريخ، وسار على دربها ومبادئها لتحقيق القيم الحضارية والإنسانية والدفاع عنها، حتى تنعم البلاد بالأمن والأمان ويسود الاستقرار في ربوعها.
يعد الجيش من الثوابت الأساسية في تاريخ الأمم والشعوب، ومن مظاهرها الحضارية، وأحد مقومات سيادة الأمة، وتحقيق استقرارها الدائم ومواجهة جميع التحديات الداخلية والخارجية، حيث أن ” الأمة بدون جيش ليست ذات سيادة، كما أن الجيش بدون أمة تعاضده وتعينه لا يمكنه أن يعتبر نفسه جيشا” كما عبر عن ذلك جلالة الملك الحسن الثاني (رحمه الله)، حينما كان وليا للعهد (14 ماي 1957).
وقد حظيت القوات المسلحة الملكية في عهد جلالته (رحمه الله) باهتمام خاص بوضعها في إطار رؤية ملكية استراتيجية ضمن منظومة الدولة المغربية الحديثة، وهو ما عبر عنه جلالته بقوله :
“فالأمل الذي عقدناه بقواتنا المسلحة الملكية يوم إحداثها أمل لا يعادله قوة واستحكاما إلا الثقة المناطة بها المستمرة على توالي الأيام، المتواصل مدى الشهور والأعوام، لقد حرصت على قواتنا الملكية منذ نشأتها على أن تظل وفية للأهداف والغايات التي حددناها والمهام التي رسمناها. فكانت ولا تزال الدرع الواقية والعدة العتيدة التي تسهم في المجهود الإنماني للأمة سواء في الميادين الاجتماعية والاقتصادية بالحظ الموفور والنصب المشهور. وإن وفاءها هذا للمبادئ المثلى والأصول الثابتة التي يركز عليها سيرها وارتقاؤها وما تؤديه من خدمات نافعة وتقوم به من أعمال صالحة لفائدة المجتمع ليستوجب التنويه ويدعو إلى الاعتزاز” (مقتطف من خطاب المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني،14 ماي 1969).
وسيرا على نفس النهج، حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، منذ اعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين الكرام، في 30 يوليوز 1999م، على إحاطة القوات المسلحة الملكية برعايته المولوية السامية والرقي بجميع مكوناتها إلى مصاف الجيوش العصرية، حتى يتسنى لها القيام بواجبها المتمثل في الدفاع عن حوزة الوطن وصيانة ثوابته ومقدساته.
ويتجلى هذا الاهتمام الملكي السامي بالقوات المسلحة الملكية من خلال أول أمر يومي وجهه جلالته لهذه القوات، جاء فيه : “كم يغمرنا الحبور ونحن نتوجه إليكم لأول مرة بعد اعتلائنا عرش أسلافنا المنعمين في يوم عيدكم الذي يؤرخ للذكرى الرابعة والأربعين لتأسيس القوات المسلحة الملكية على يد جدنا المشمول بعفو الله جلالة الملك المجاهد محمد الخامس، طيب الله ثراه، الذي يعود له الفضل في وضع اللبنات الأولى لهذا الصرح المنيع، وسنغتنمها مناسبة سعيدة لنستحضر بكل فخر واعتزاز المجهودات الجبارة التي قام بها والدنا المنعم صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، الذي نذر حياته لبناء دولة المؤسسات وأولى عناية خاصة للقوات المسلحة الملكية منذ تأسيسها دون أن يألوا جهدا ليرقى بها إلى المستوى المنشود.
(…) إننا منذ أن وضع الله بين أيدينا أمانة الملك، واختارنا لقيادة الأمة ولأركان القوات المسلحة الملكية وضعنا نصب أعيننا مجموعة من الاهتمامات، منها العناية بالمؤسسات والعمل على تطويرها، ومن بينها القوات المسلحة الملكية فعزمنا على مواصلة المجهودات لنجعلكم ضباطنا وضباط الصف وجنودنا الأوفياء تستفيدون باستمرار من التطورات العملية والتقنية التي يعرفها العالم وليظل تنظيمكم وتكوينكم وتأطيركم وتجهيزكم يواكب التقدم الحضاري.
إن التحولات السريعة التي يشهدها العالم أفرزت أشكالا جديدة من التحديات واكبتها تطورات تقنية وتكنولوجية لم يعد بالإمكان إزاءها تجاهل أسباب العصرنة والحداثة بالخصوص في المجال العسكري. إن نهج المرونة والتكيف مع تطور الأحداث يستدعيان منا ضرورة العمل على مواكبة التطور بالارتقاء بأساليب التدريب العسكري وتحديد آلياته والرقي بأفراده على المستوى الفكري والعلمي”.
وتبقى القوات المسلحة الملكية وفية لشعارها الخالد :
الله – الوطن – الملك