هكذا استفادت الصين الشعبية من ثورات الربيع العربي وحولتها لكنز استراتيجي دائم .

بقلم : الصحافي حسن الخباز مدير جريدة الجريدة بوان كوم
استغلت جمهورية الصين الشعبية الربيع العربي استغلال لا مثيل له ، ووظفته لصالحها ، وحققت منه عدة مكاسب عادت بالنفع على الدولة والشعب ، وسيستمر نفعه لقرون قادمة .
فوضى ما بعد الربيع العربي كانت بمثابة كنز استراتيجي ، خاصة بعد تراجع النفوذ الأمريكي وتناقض سياساته ، حيث قدمت نفسها شريكا براغماتيا يركز على الاقتصاد والاستقرار لا الأيديولوجيا، وتبني نفوذا متدرجا أعاد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط.
وقد خرجت الصين كأحد أكبر المستفيدين مما عاشه العالم العربي من ثورات . حيث تمكنت الجمهورية الصينية من بناء نفوذ متدرج أعاد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط .
ويذكر ان كلا من الصين وروسيا انخرطتا انخراطا كاملا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعلاقات العربية -الإسرائيلية، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية.
في سياق يربط بين الدوافع الإستراتيجية لهذين الفاعلين المهمّين، ومصالحهما الوطنية الداخلية. تعرض هذه الدراسة أربعة مداخل مختلفة، لفهم السلوك الصيني الروسي، على خلفية الأزمات الإقليمية والدولية التي تطورت في المنطقة – خاصة الأزمة السورية – في سياق متصل مع أزمات إقليمية سابقة، كأزمة الحرب الروسية – الجورجية. وعلى الرغم من أهمية الدوافع الاقتصادية، فالدراسة لا تعتمدها مدخلًا متمايزًا لفهم السلوك الصيني أو الروسي، بل تعرض لدراسة مستويات مختلفة للتداعيات الإستراتيجية المتوقعة للسياسة الروسية – الصينية تجاه مرحلة الربيع العربي، بدءًا بحدوث تحوّل في هيكل النظام وطبيعته، وانتقاله من أحادية القطبية الراهنة إلى تعدديتها، أو الاكتفاء بالحفاظ على مبدأ السيادة بمعناه التقليدي.
وفي نفس السياق ، استغلت الصين الفراغ استغلالا مختلفا؛ فمع تراجع مصداقية الولايات المتحدة وسط تدخلات متضاربة، طرحت بكين نفسها بوصفها بديلا بلا أيديولوجية، مؤكدة السيادة والاستقرار والمشاركة الاقتصادية دونما شروط سياسية. وعلى نحو متزايد بدأت الحكومات الإقليمية، التي خاب أملها في الترويج الأمريكي للديمقراطية، تنظر إلى الصين باعتبار أنها كيان يمكن التنبؤ بأفعاله وله مصالح تجارية بحتة .
في الوقت الذي تنشغل فيه كبريات وسائل الإعلام الغربية بالخطر الصيني الداهم وبكيفية احتواء نفوذه المتصاعد، يكاد العالم العربي يراقب ما يجري بقدر كبير من اللامبالاة. فما زالت معظم الأنظمة العربية تنظر إلى الغرب بوصفه الأفق الوحيد الممكن سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ولا تلتفت بالقدر الكافي إلى الشرق القريب منها، وإلى الصين تحديداً، لا قوةً تجاريةً فقط، بل قوةً صاعدةً يمكن أن تكون نموذجاً أو شريكاً أو حليفاً مستقبلياً في بناء علاقات أكثر توازناً، وأقلّ تبعيةً، من تلك التي كبّلت المنطقة طويلاً ضمن منظومة غربية باتت هي نفسها قلقة من فقدان هيمنتها .




