مجتمع

دعوة لإعادة النظر في دستور 2011: من أجل استعادة هيبة الحكم وترسيخ الملكية المطلقة

بقلم   : رابح عبد الله

 

منذ إقرار دستور 2011، دخل المغرب مرحلة جديدة من تاريخه السياسي، حيث توسعت صلاحيات المؤسسات المنتخبة، وتقلصت – نسبيًا – بعض اختصاصات المؤسسة الملكية، في محاولة لمواكبة مطالب الإصلاح التي عرفها الشارع المغربي في سياق ما سُمّي بالربيع العربي. غير أن الواقع، وبعد أكثر من عقد من الزمن، أفرز تحديات واختلالات عميقة، جعلت فئة واسعة من المواطنين تفقد ثقتها في العمل السياسي، وتشكك في جدوى هذا التحول الدستوري، وتطالب اليوم بإعادة الصلاحيات الكاملة لجلالة الملك، والعودة إلى نظام الملكية المطلقة كضامن حقيقي لوحدة الدولة واستقرارها.

أبرز ملامح الأزمة السياسية الراهنة في المغرب هو تراجع ثقة المواطنين في الأحزاب السياسية. فقد تحولت هذه الأحزاب في نظر كثيرين إلى كيانات تبحث عن المكاسب والمناصب، دون تقديم حلول حقيقية للمشاكل التي يعاني منها الشعب. فشل السياسات العمومية، وغياب الكفاءات، وغياب الرؤية الاستراتيجية، كلها عوامل ساهمت في زيادة هذا النفور الشعبي من الفاعل الحزبي، بل وحتى من العملية الانتخابية برمتها.

وقد أفرزت الانتخابات، في أكثر من مناسبة، مجالس وجماعات عاجزة عن اتخاذ قرارات حاسمة، ومؤسسات يسودها الصراع والمصالح الضيقة، بدل التركيز على خدمة الوطن والمواطن.

رغم ما حمله دستور 2011 من شعارات قوية، كربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز استقلال القضاء، وتوسيع صلاحيات رئيس الحكومة، إلا أن الممارسة أثبتت أن هذه المقتضيات لم تترجم بالشكل المطلوب. فازدواجية القرار، وغياب الانسجام بين المؤسسات، وتحكم التوازنات السياسية الضيقة، أدت إلى نوع من “الفراغ القيادي” داخل المؤسسات المنتخبة، ما أضعف الدولة وأربك الإدارة، وأدى إلى بطء اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وغياب الفعالية في تنفيذها.

في مقابل هذا الوضع، تظهر المؤسسة الملكية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، كصمام أمان، ومرجعية عليا تحظى بإجماع شعبي واسع. فالملك يجمع بين الشرعية التاريخية والدينية والدستورية، ويشكل مركز توازن وضامنًا لاستمرار الدولة، في وقت تتآكل فيه ثقة المواطنين في بقية المؤسسات.

من هذا المنطلق، فإن الدعوة إلى استرجاع كافة الصلاحيات الملكية، وإلغاء دستور 2011، ليست رجوعًا إلى الوراء، بل تصحيحًا لمسار لم يحقق الأهداف المرجوة منه، واستجابة لواقع سياسي واجتماعي يتطلب تدخلًا حاسمًا من أعلى سلطة في البلاد، لوضع حد لحالة التسيب المؤسساتي والارتجال السياسي.

إن العودة إلى نظام الملكية المطلقة لا تعني بالضرورة رفض قيم الديمقراطية أو المشاركة، بل تعني إعادة ترتيب الأولويات، وتحصين القرار الوطني من العبث السياسي، وضمان وجود قيادة مركزية قوية قادرة على التدخل الفوري والفعّال لحماية مصالح الدولة والمواطنين.

لهذا، فإني – كمواطن غيور على وطني – نطالب بإلغاء دستور 2011، واسترجاع الصلاحيات الكاملة لجلالة الملك، وبناء نظام سياسي قائم على الملكية المطلقة، التي طالما كانت أساسًا في استقرار المغرب وتماسكه عبر العصور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى