القوانين العرفية الأمازيغية مرجع فعال لانتاج مدونة الأسرة: “نظام تمازالت نموذجا”
مقتضيات المادة 49من المدونة التي أثارت النقاش باعتبارها العنوان البارز لأهم التعديلات التي جاءت بها مدونة الاسرة انذاك.
حاليا التوجه العام للنقاش الرائج على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي يتمحور حول موضوع حقوق الزوجين في الاموال المنشأة أثناء الحياة الزوجية وهو المقتضى الذي انقسم حوله المغاربة بين مؤيد ومعارض .
في خضم هذا النقاش الساخن لا أحد تسائل عن التاصيل المرجعي لهذا النظام القانوني ؟
هذا الفصل هو الوحيد الذي لم يخرج من رحم الفقه الديني الذي شكل الوعاء المرجعي لنصوص مدونة الاسرة .لانه لم يسبق ان اقر الفقه الديني الكلاسيكي بمختلف مدارسه وائمته حق المرأة في الاموال الاسرية .بل ان التيار الديني خاصة حزب العدالة والتنمية وجناحه الدعوي حركة التوحيد والاصلاح ابان معارضته للخطة الوطنية لادماج المرأة في التنمية في اواسط التسعينات اعتبر هذا النظام خروجا عن الشريعة و شرعنة غير مبررة لاكل أموال الناس بالباطل.
ان الاهتمام الذي يوليه المغاربة لهذا النظام القانوني يعكس اهميته في تدبير النزاعات الاسرية لإنه ببساطة مقتضى قانوني زمني يعبر عن انشغالاتهم وحاجياتهم من التشريع الاسري المرتقب لأنه يعالج صلب المشكل.
إذن نحن امام نظام قانوني مغربي صرف احتضنته القوانين العرفية الامازيغية لقرون وساهم الفقه المغربي المتنور في تاصيله وتحصينه من كل المحاولات التي تروم خلق تعارض بينه وبين الدين.
نظام تمازالت يقوم على افتراض ان المرأة شريكة فعالة ومنتجة في مؤسسة الاسرة وكل الاموال التي تنشأ أثناء الحياة الزوجية هي نتاج كدها وسعايتها ومجهودها فليس من العدل ان يستفرد الزوج بها لوحده لتخرج بعد حياة زوجية عمرت لسنين خاوية الوفاض.
وهكذا فالمرأة لا تحصل على نصيبها عند انهاء العلاقة الزوجية فحسب بل ان هذا الحق يسري حتى في حالة وفاة الزوج حيث لا ينظر لما يخلفه من أموال وممتلكات على أساس انها تركة تنتقل لذمة خلفه من الورثة الشرعيين وتخضع من حيث تقسيمها للانصبة الشرعية بل انها تشكل أموال اسرية لا تخص الزوج وحده بل هناك جزء منها ملكا خاصا للزوجة ومدخلها في ذلك ما قدمته من كد وجراية وسعاية في انشائها وتنميتها .فمن العدل فرز نصيبها وبعدها يقسم نصيب الزوج على باقي الورثة بما فيهم زوجته وفقا لقواعد الارث.
هذا النظام لا يشكل خروجا عن احكام الارث لإنه لا يورث شخص في امواله وهو على قيد الحياة .فالزوحة وريثة في مال زوجها وشريكة له في نفس الوقت وبالتالي يتعين فرز نصيبها عن التركة قبل قسمتها.
واقعنا الحالي يحكي قصص مؤلمة لارامل افنين حياتهن في مساعدة ازواجهن بالعمل والكد والتدبير والبخل المفرط لحد حرمان انفسهن من ابسط الحاجيات لتوفير المال الكافي لبناء منزل او قبر الحياة وعند وفاة الزوج ياتي الأبناء (مجرد مستهلكين فقط )ويستفردون بحصة الأسد من الارث ليقدموا على بيع المنزل الذي شيدته بعريق جبينها وجوعها وصبرها ..لتتحول في أخر ايام حياتها إلى متشردة بدون مأوى ……
اين العدل ؟اين الدين ؟اين الحق ؟…..اين نصيب هذه الزوجة ؟اين جزاء عملها وكدها وسعايتها و حرصها على تدبير أموال الاسرة ?
ان الضجة التي أثارها نظام تمازالت يؤكد حاجتنا الى قوانين تتماهى مع واقعنا المغربي قوانين قادرة على تدبير مشاكلنا الحقيقية قوانين زمنية انتجها الانسان من اجل الإنسان غايتها تحقيق العدل والانصاف .الأمر الذي يستوجب الانفتاح على القوانين العرفية الامازيغية واعتمادها الى جانب باقي المصادر الاخرى في وضع التشريع الاسري