رسالة إلى من يهمه الأمر من معقل المختار السوسي:

رسالة إلى من يهمه الأمر من معقل المختار السوسي:
من أجل عدالة حقيقية لا تُشترى بالمال
إلى كل من يعنيه أمر الوطن،
إلى من يؤمن بأن القانون يجب أن يسود،
إلى من لا يزال يرى في العدالة ميزان الاستقرار وركيزة الثقة بين الدولة والمواطن…
أخاطبكم اليوم بقلقٍ عميق، كمواطن مغربي لا يطلب امتيازًا، بل يطالب بحقوقه المشروعة التي تضمنها له مؤسسات نزيهة، وفي مسطرة قضائية يُحتكم فيها للوثائق والحجج، لا للمصالح والنفوذ.
لقد أصبح من المؤلم أن نرى كيف تتحول بعض القضايا إلى ساحات لتصفية الحسابات، وكيف يتم تجاهل شكايات حقيقية موثقة، بينما تُمنح الأولوية لقضايا لا سند لها سوى من يملك المال أو القدرة على التأثير. فهل بهذا نُحصن ثقة الناس في مؤسسات بلدهم؟ وهل هكذا نُقنع الشباب بأن العدالة لا تُفرّق بين غني وفقير، ولا بين صاحب نفوذ ومواطن بسيط؟
وما يزيد من مرارة هذا الواقع، أنه يحدث في وقت يبذل فيه عاهل البلاد، جلالة الملك محمد السادس، مجهودات جبارة من أجل تبويء المغرب مكانة مشرفة بين الأمم، وبناء دولة حديثة تقوم على سيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
غير أن بعض الجهات، عن قصد أو عن قصر نظر، تُصر على شدّ البلاد إلى الخلف، عبر ممارسات تسيء لصورة العدالة، وتُقوّض ثقة المواطنين في المؤسسات، في تناقض صارخ مع التوجيهات الملكية السامية التي تؤكد في كل مناسبة أن لا أحد فوق القانون، وأن كرامة المواطن هي خط أحمر.
إن الخطر لا يكمن فقط في ظلم فرد، بل في اهتزاز إيمان الناس بعدالة وطنهم، وفي إحساسهم بأن القانون قد يُطوّع لخدمة من يعرف من وأين. وذلك ما يجعلنا اليوم نرفع الصوت، لا من موقع الضعف، ولكن من موقع الإيمان بأن الحق لا يُشترى، وأن الكرامة لا تُساوم.
لقد ولّى زمن الضغط على الأفراد للتنازل عن حقوقهم، أو لإجبارهم على الصمت. والمغرب الذي نؤمن به هو مغرب يسير نحو دولة المؤسسات، لا دولة العلاقات والولاءات.
نكتب لنُذكر فقط:
العدالة ليست سلعة،
والحق لا يُسقطه المال،
والكرامة لا تُقايض.
**محمد بن إعزة**