مجتمع

فضيحة التوظيف بوزارة الشباب: نزيف الكفاءات المقهورة ونداء إنقاذ دولة الحق والقانون

 

 

في مشهد مؤلم ومخزٍ، يُسجل الواقع الإداري المغربي، مرة أخرى، سقوطًا مدويًا لقيم الشفافية والاستحقاق وتكافؤ الفرص، في ضرب صارخ لمضامين دستور المملكة المغربية لسنة 2011، وتنكّر فجّ للمبادئ السامية التي كرّستها الوثيقة الدستورية، وعلى رأسها الحق في الشغل والولوج إلى الوظائف العمومية على قاعدة الكفاءة والاستحقاق، كما نص عليه الفصل 31، ومبدأ إشراك الشباب في التنمية كما أقره الفصل 33، والارتكاز على الشفافية والمساواة والمحاسبة في تدبير المرافق العمومية كما جاء في الفصل 154.

 

فقد تحولت مباريات التوظيف بوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الشباب، برسم سنة 2025، إلى مهزلة حقيقية وفضيحة مكتملة الأركان، تُمعن في اغتيال أحلام شباب الوطن، وتُمعن في اغتيال آمال كفاءات وطنية كرست سنوات عمرها للتحصيل والتكوين، وها هي تُواجه بجدار سميك من الزبونية والمحسوبية والولاءات الضيقة.

 

مسار الفضيحة: الزبونية والمحسوبية عوض الكفاءة

لقد شهدت مباراتا التوظيف المنظمتان بتاريخ 16 مارس 2025 و15 يونيو 2025، ممارسات مفضوحة تندى لها الجباه، تمثلت في تغليب منطق الريع الإداري على منطق الاستحقاق، وامتهان شعارات تكافؤ الفرص والمساواة.

 

في مباراة 16 مارس، اقتصرت لائحة الناجحين في معظمها على أبناء موظفي القطاع، وأُقصيَت الكفاءات في خرق سافر لمبدأ المساواة. بل بلغ الاستهتار حد قبول مترشحة لا تتوفر على شرط الإجازة، وتمت إضافة لائحة جديدة للمقبولين لاجتياز الشفوي دون إعلان رسمي، في سابقة خطيرة تضرب القانون في مقتل. ولم تتورع الإدارة عن إجراء مقابلات شفوية عن بعد بلا سند قانوني، في استخفاف غير مسبوق بنصوص المراسيم والقوانين.

 

وفي مباراة 15 يونيو 2025، أعيد إنتاج نفس المهزلة، حيث تم إعداد النتائج سلفًا، وشُوهدت هواتف تُستعمل داخل قاعات الامتحان، وتكررت ظاهرة نجاح أبناء موظفين، فيما رُجّحت كفة الولاءات على حساب الكفاءة. وتم إعلان نتائج الناجحين للشفوي يوم 17 يونيو، وأُجري الشفوي يوم 19 يونيو، لتُعلن النتائج النهائية في نفس اليوم بعد ساعة فقط من انتهاء آخر اختبار، بما يجعل من المستحيل منطقيًا وقانونيًا تصحيح ودراسة النتائج بهذه السرعة، مما يفضح الإعداد المسبق لها.

 

قطاع يجهز على الكفاءات

إن ما جرى يمثل اغتيالًا صريحًا لكرامة الشباب المغربي، وضربًا صارخًا لمصداقية المباريات العمومية، وتأكيدًا مقلقًا على تغلغل ثقافة الفساد الإداري والريع داخل القطاع.

 

لقد تحوّل المعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة والرياضة من قلعة لإنتاج الأطر المؤهلة لخدمة قضايا الشباب، إلى مؤسسة تخرج الكفاءات إلى صفوف العاطلين، بعدما أُقصي خريجوه بطرق تعسفية، وجرى تهميشهم لصالح شبكات الولاء والانتماءات الضيقة.

 

الكفاءات الوطنية تنتفض: نضال حتى الإنصاف

إزاء هذا الوضع الكارثي، تعلن التنسيقية الوطنية لخريجي المعهد الملكي لتكوين الأطر للرأي العام الوطني ما يلي:

 

عزمها رفع رسالة مفتوحة إلى المقام السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، التماسًا لتدخله المولوي الحاسم لإنصاف الكفاءات الوطنية المقهورة، وصون كرامة شباب المغرب، وترسيخ أسس دولة القانون والمؤسسات.

الاستعداد لخوض كافة الأشكال النضالية المشروعة، بما في ذلك الاحتجاجات والاعتصامات السلمية أمام مقر وزارة الشباب والثقافة والتواصل، حتى يتحقق الإنصاف وتُستعاد كرامة الخريجين والخريجات.

المطالبة بفتح تحقيق مستقل ونزيه تشرف عليه جهة محايدة، لكشف كافة الخروقات التي شابت مباريات التوظيف، وترتيب الجزاءات القانونية الصارمة في حق المتورطين، وإلغاء نتائج مباريات 2025، مع إعادة تنظيمها في إطار يحترم معايير الشفافية والمصداقية.

نداء إلى الضمائر الحية

إننا نخاطب الضمائر الحية في هذا الوطن، وكل غيور على دولة المؤسسات، للوقوف صفًا واحدًا ضد هذه الممارسات المشينة التي تهدد مستقبل شبابنا، وتُقوّض أسس العدالة الاجتماعية، وتُفرغ دولة الحق والقانون من مضمونها.

إننا لا نطلب سوى حقنا المشروع في العدل والإنصاف، وسنظل ثابتين في معركة الكرامة، ولن يهدأ لنا بال حتى تعود الحقوق إلى أصحابها، ويُرفع الظلم عن خريجي المعهد الملكي، وتُطهر الإدارة العمومية من الفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى