المحكمة الابتدائية ببوجدور تُصدر أول حكم بالعقوبات البديلة في قضية خيانة زوجية

متابعة : رابح عبد الله
في سابقة من نوعها، أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة بوجدور أول حكم من نوعه في مجال تطبيق العقوبات البديلة، حيث قضت، خلال جلسة علنية، بإدانة متهم في قضية تتعلق بالخيانة الزوجية، والحكم عليه بشهرين حبسًا نافذًا مع استبدال هذه العقوبة بأداء 180 ساعة من العمل لفائدة المنفعة العامة.
ويأتي هذا الحكم في إطار التفعيل العملي للقانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، الذي دخل حيز التنفيذ حديثًا، ويُعد هذا القرار القضائي من أولى التطبيقات الميدانية لهذا التوجه التشريعي الجديد، الذي يهدف إلى تحقيق توازن بين البعد الزجري للعقوبة وغايات الإصلاح وإعادة الإدماج.
القرار القضائي يعكس انخراط المؤسسة القضائية في تنزيل توجهات السياسة الجنائية الحديثة، التي تراهن على تقليص اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية، خاصة في القضايا التي لا تشكل خطورة كبيرة على الأمن العام. كما يُبرز الوعي القضائي المتزايد بأهمية تبني بدائل للعقوبات الحبسية، من شأنها أن تساهم في الحد من الاكتظاظ داخل السجون وتعزيز فرص التأهيل المجتمعي للجناة.
القضية، التي نظرت فيها المحكمة الابتدائية ببوجدور، تتعلق بجنحة الخيانة الزوجية، حيث ثبت للمحكمة تورط المتهم في الوقائع المنسوبة إليه. وبعد مناقشة الملف، قررت المحكمة الحكم بشهرين حبسًا نافذًا، لكنها استعملت صلاحياتها القانونية الجديدة، وقضت باستبدال العقوبة السجنية بعقوبة بديلة تتمثل في أداء 180 ساعة من العمل لفائدة المنفعة العامة، مع تحميل المتهم المصاريف والغرامات القضائية.
ويرى عدد من المتابعين أن هذا الحكم يُعد خطوة جريئة ومُبشرة في مسار تحديث العدالة الجنائية بالمغرب، إذ يُحافظ على الوظيفة الردعية للعقوبة، مع توفير فرصة واقعية لإعادة إدماج المخالف في المجتمع عبر أداء خدمات عمومية تعود بالنفع العام، بدل الزج به في السجن في قضايا بسيطة.
القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، والذي صدر سنة 2023، أتاح للقضاء إمكانية استبدال العقوبات السجنية التي لا تتجاوز مدتها سنتين بعقوبات أخرى، تشمل:
العمل لفائدة المنفعة العامة.
تقييد بعض الحقوق.
الخضوع لبرامج إعادة التأهيل والمراقبة.
وتسعى هذه التدابير إلى اعتماد مقاربة جديدة ترتكز على تقويم سلوك الجاني، وتحقيق المصالحة مع المجتمع، بدل الاقتصار على السجن كوسيلة وحيدة للعقاب.
الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية ببوجدور لا يُمثل فقط تطبيقا لقانون جديد، بل يُشكل محطة بارزة في طريق العدالة الإصلاحية بالمغرب. وهو مثال على كيف يمكن للقانون أن يكون أداة لإصلاح المجتمع، لا مجرد وسيلة للعقاب.