بنكيران في زمن الاحتجاج: “أينكم يا مطبلين؟” واستثمار الغضب الشعبي

يستغل عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، كل موجة غضب شعبي أو احتقان اجتماعي في المغرب ليعود إلى الواجهة بأسلوبه الخطابي المعتاد الذي يمزج بين النقد اللاذع والسخرية السياسية. في خضم المظاهرات الأخيرة التي اندلعت في بعض المدن، رفع بنكيران من حدة هجومه على الحكومة الحالية، مستخدماً لغة استعراضية تخاطب الغاضبين وتستفز خصومه.
تتركز تصريحاته الأخيرة حول نقطتين محوريتين: تحميل الحكومة الحالية مسؤولية الاحتقان، والاستهزاء بمن وصفهم بـ “المطبلين” الذين دافعوا عن هذه الحكومة في بدايتها.
1. تحميل حكومة أخنوش مسؤولية “انفجار الاحتجاجات” و”أزمة الكفاءات”
يُصوّر بنكيران الاحتجاجات الحالية، التي يشارك فيها “جيل Z” وترفع شعارات اجتماعية وسياسية مثل “الشعب يريد إسقاط الفساد”، على أنها نتيجة مباشرة لسياسات الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش. في خطاباته، يؤكد بنكيران أن:
الغلاء والأزمة الاجتماعية: هي السبب الرئيسي للاحتقان، مستغلاً تفاقم أسعار المحروقات والمنتجات الأساسية.
سوء الإدارة واختلالات التوظيف: يشكل هذا المحور ركيزة أساسية في نقد بنكيران، حيث يهاجم الحكومة لتبنيها سياسة توظيف لا تقوم على الكفاءة والاستحقاق، بل على الولاء والقرب. يصف بنكيران رئيس الحكومة بعبارات قاسية (مثل “بزناز” وليس سياسياً)، في محاولة لتقويض شرعية الفريق الحكومي وقدرته على القيادة، مشيراً إلى أن توظيف “أناس ليسوا ذوي كفاءات” في المناصب العليا يؤدي بالضرورة إلى فشل في تدبير الأزمات.
المقارنة الحكومية: يضرب بنكيران المثل بنفسه وبفريقه الحكومي السابق، مؤكداً أنه التزم بمبدأ “وضع الرجل المناسب في المكان المناسب”، وأنه لم يستغل نفوذه السياسي لـ توظيف أعضاء من حزبه أو من المقربين منه في المناصب الرئيسية، بخلاف ما يراه سائداً الآن. هذا التباين يهدف إلى إظهار أن الحكومة الحالية تخلط بين العمل السياسي والمصالح الشخصية/الحزبية الضيقة.
الاستثمار السياسي للغضب: يضع بنكيران نفسه وحزبه كصوت للمتضررين، مستذكراً “نهاية” ولاية العدالة والتنمية في 2021، ومحاولاً تكرار سيناريو 2011 حيث صعد الحزب على وقع الاحتجاجات.
هذا الموقف يهدف إلى إظهار أن الحكومة الحالية فشلت في مهامها، وأن ما يحدث هو دليل على صواب رؤية “العدالة والتنمية” وتحذيراته السابقة.
2. السخرية من الخصوم: “أينكم يا مطبلين؟”
النقطة الأبرز والأكثر حدة في خطاب بنكيران هي توجيهه انتقادات ساخرة مباشرة لمن وصفهم بـ “المطبلين” للوضع أو الحكومة الحالية. هذه الجملة ليست مجرد سخرية، بل هي تصفية حسابات سياسية:
تحدي المنافسين: يستهدف بنكيران رموز وأحزاب الأغلبية الحكومية الذين روجوا لمرحلة ما بعد العدالة والتنمية على أنها “عهد جديد” و”إنقاذ” للوضع. اليوم، يدعوهم لمواجهة الشارع ومطالبه.
رسالة للرأي العام: يعزف بنكيران على وتر “الندم الشعبي” على نتائج انتخابات 2021، التي أسفرت عن سقوط مدوٍ لحزبه، محاولاً إقناع الرأي العام بأن من هاجموا حزبه كانوا مخطئين وأنهم الآن “صامتون” أمام الغضب الحقيقي.
خلاصة: العودة إلى اللعب على حافة الهاوية
يؤكد هذا النوع من التصريحات أن بنكيران لا يزال يفضل الخطاب الشعبوي والمواجهة العلنية كوسيلة للوجود السياسي. فهو يدرك أن أي احتجاج شعبي في المغرب يتحول إلى فرصة سياسية للمعارضة. ومن خلال ربط الفشل الاجتماعي والمالي بـ “أزمة الكفاءات” في الحكومة الحالية، يسعى بنكيران لتأكيد أن النزاهة والكفاءة هما مفتاح الحل، وهما ما فقدهما المشهد السياسي بعد مغادرة حزبه للسلطة.
إلى أي مدى يمكن لخطاب النقد الذاتي والمقارنة بين الحكومات أن يغير القناعات الانتخابية للمغاربة في ظل الأزمات الحالية؟