أخبار وطنية

دورة تكوينية موجهة لطلبة ماستر تدبير وحكامة الجماعات الترابية. بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين السبع التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

متابعة : بكور عبد الهادي

في إطار تعزيز الدينامية العلمية داخل كليات الحقوق بالمغرب، احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين السبع التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، يوم السبت 6 دجنبر 2025، دورة تكوينية موجهة لطلبة ماستر تدبير وحكامة الجماعات الترابية. اللقاء جاء بإشراف الدكتور المختار الطبيطبي، منسق الماستر ونائب عميد الكلية، وبإدارة علمية للدكتور مكاوي نصير، الخبير في مجال التدقيق، إلى جانب مشاركة الدكتور أظريف عبد النبي.

 

انطلق المؤطرون من ملاحظة أساسية مفادها أن المشرّع المغربي يُورد مفهوم التدقيق في عدة نصوص قانونية، لكنه لا يقدّم تعريفًا دقيقًا له، لأن هذا الحقل في الأصل قائم على مرجعيات ومعايير دولية، تطورت عبر تجارب اقتصادية وإدارية امتدت لعقود. فالتدقيق ليس مجرد عملية مراقبة تقنية، بل هو نظام شمولي هدفه حماية الجماعات الترابية من المخاطر وتحسين أداء أجهزتها.

أوضح الخبراء أن التدقيق يُعد شكلًا راقيًا من الرقابة، يختلف عن التفتيش أو المحاسبة التقليدية. فهو يركز على استباق المخاطر بدل انتظار وقوعها، ويقوم على مرجعيتين أساسيتين:

الالتزام بالنصوص القانونية المنظمة لتدبير الشأن المحلي، واعتماد مبادئ الحكامة الجيدة كمعايير للتسيير الرشيد.

وتتحدد مراحل التدقيق في ثلاث خطوات مترابطة:

تحديد المخاطر المحتملة التي قد تمس التسيير أو الموارد.

تنقيط مستوى الخطر وتقييم درجة تأثيره.

وضع آليات عملية لمواجهته والحد من آثاره.

وللتذكير، فإن نشأة التدقيق لم تكن في الحقل الإداري، وإنما ظهرت أولًا داخل المقاولات، وخاصة في مجال التدقيق المالي. ومع تطور حاجيات الحكامة الحديثة، اتسع نطاق التدقيق ليشمل مؤسسات الدولة، ومنها الجماعات الترابية، باعتبارها فضاءً معقدًا تتداخل فيه القرارات المالية، والبشرية، والميزانيات، والصفقات.

ويؤكد الخبراء أن المدبّر وحده هو الذي يعرف خبايا التسيير من الداخل، خلافًا للمستثمر أو المساهم، ولذلك فعملية التدقيق تعتمد على جمع المعطيات من مصادرها الحقيقية ومن الأشخاص المتدخلين في صناعة القرار.

يعتمد التدقيق على نوعين من المعايير التي تشكل أرضية القياس والمقارنة:

معايير التسيير: وهي مرتبطة بالالتزام بالقوانين والتنظيمات.

معايير الأداء: وتهم جودة النجاعة، وترشيد استعمال الموارد، ومدى تحقيق الأهداف التنموية.

بين هذين البعدين، يصبح التدقيق أداة لتقليل المخاطر، وتحديد المسؤوليات، وتقييم فعالية نظام المراقبة الداخلية داخل الجماعة الترابية.

ولأن تدبير الشأن المحلي يتشعب عبر مجالات متعددة، فإن عملية التدقيق تشمل عدة محاور أساسية من بينها:

التدقيق في القرارات والمقررات وطريقة اتخاذها ومدى قانونيتها.

التدقيق في المداخيل والنفقات واستعمال الموارد المالية.

التدقيق في تدبير الموارد البشرية كفاءةً وتوزيعًا وأداءً.

التدقيق في الممتلكات العقارية والمنقولات وكيفية التصرف فيها.

التدقيق في الصفقات العمومية ومدى احترام مساطر الشفافية والمنافسة.

مثلت هذه الدورة التكوينية فرصة مهمّة لطلبة الماستر من أجل فهم الدور الحيوي للتدقيق في الارتقاء بالشأن المحلي، خاصة في ظل التحولات الكبيرة التي تعرفها الحكامة الترابية بالمغرب.

 

فالتدقيق لم يعد إجراءً ثانويًا، بل أصبح أداة استراتيجية لحماية المال العام، وتطوير أداء الإدارات، وبناء ثقة المواطنين.

كما تميز الحضور بوجود شخصيات في مجال المحاماة وحقوق الإنسان وأساتذة جامعيين وباحثين في سلك الماستر والدكتوراه وطلب في سلك الإجازة .

وفي النهاية، يؤكد خبراء التدقيق أن مستقبل الجماعات الترابية لن يتحقق فقط عبر التمويل أو المشاريع، بل عبر ترسيخ ثقافة المراقبة الذاتية، وإرساء مسارات دقيقة لتدبير المخاطر، لضمان شفافية القرار العمومي وجودته.

واختُتِمت الدورة التكوينية بحفل تكريم مميز للأساتذة المؤطرين، عربون تقدير وعرفان لما بذلوه من جهود علمية وتربوية. فقد تم تكريم كل من الدكتور مختار الطبيطبي، والدكتور مكاوي نوصير، والدكتور أضريف عبد النبي، عبر تسليمهم دروعًا تكريمية وشواهد تقديرية، احتفاءً بإسهاماتهم في دعم البحث الأكاديمي وتعزيز قدرات طلبة الماستر في مجال الحكامة والتدبير الترابي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى